{ قل آمنوا به أو لا تؤمنوا } يتضمن الإعراض عنهم والاحتقار لهم والازدراء بهم وعدم الاكثرات بهم وبإيمانهم وبامتناعهم منه ، وأنهم لم يدخلوا في الإيمان ولم يصدقوا بالقرآن وهم أهل جاهلية وشرك ، فإن خيراً منهم وأفضل هم العلماء الذي قرؤوا الكتاب وعلموا ما الوحي وما الشرائع ، قد آمنوا به وصدقوه وثبت عندهم أنه النبيّ العربي الموعود في كتبهم ، فإذا تُلي عليهم خروا { سُجَّدًا } وسبحواً الله تعظيماً لوعده ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشر به من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن عليه ، وهو المراد بالوعد في قوله { إن كان وعد ربنا لمفعولاً } .
و { إن الذين أوتوا العلم من قبله } يجوز أن يكون تعليلاً لقوله { آمنوا به أو لا تؤمنوا } أي إن لم تؤمنوا به فقد آمن به من هو خير منكم ، وأن يكون تعليلاً لقل على سبيل التسلية كأنه قيل { قل } عن إيمان الجاهلية بإيمان العلماء انتهى من كلام الزمخشري ، وفيه بعض تلخيص .
وقال غيره : { قل آمنوا } الآية تحقير للكفار ، وفي ضمنه ضرب من التوعد والمعنى أنكم لستم بحجة فسواء علينا أأمنتم أم كفرتم وإنما ضرر ذلك على أنفسكم ، وإنما الحجة أهل العلم انتهى .
والظاهر أن الضمير في { قل آمنوا به } عائد على القرآن ، و { الذين أوتوا العلم } هم مؤمنو أهل الكتاب .
وقيل : ورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو بن نفيل ومَن جري مجراهما ، فإنهما كانا ممن أوتي العلم واطّلعاً على التوراة والإنجيل ووجدا فيهما صفته عليه الصلاة والسلام .
وقيل : هم جماعة من أهل الكتاب جلسوا وهم على دينهم ، فتذكروا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه .
وقرئ عليهم منه شيء فخشعوا وسجدوا لله وقالوا : هذا وقت نبوّة المذكور في التوراة وهذه صفته ، ووعد الله به واقع لا محالة ، وجنحوا إلى الإسلام هذا الجنوح فنزلت هذه الآية فيهم .
وقيل : المراد بالذين { أوتوا العلم من قبله } هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والظاهر أن الضمير في { من قبله } عائد على القرآن كما عاد عليه في قوله : { به } ويدل عليه ما قبله وما بعده .
وقيل الضمير إن في { به } وفي { من قبله } عائدان على الرسول عليه الصلاة والسلام .
واستأنف ذكر القرآن في قوله { إذا يتلى عليهم } والظاهر في قوله { إذا يتلى عليهم } أن الضمير في { يتلى } عائد على القرآن .
وقيل : هو عائد على التوراة وما فيها من تصديق القرآن ومعرفة النبيّ عليه الصلاة والسلام ، والخرور هو السقوط بسرعة ، ومنه { فخر عليهم السقف } وانتصب { سجداً } على الحال ، والسجود وهو وضع الجبهة على الأرض هو غاية الخرور ونهاية الخضوع ، وأول ما يلقي الأرض حالة السجود الذقن ، أو عبر عن الوجوه بالأذقان كما يعبر عن كل شيء ببعض ما يلاقيه .
فخروا الأذقان الوجوه تنوشهم . . . ***سباع من الطير العوادي وتنتف
وقيل : أريد حقيقة الأذقان لأن ذلك غاية التواضع وكان سجودهم كذلك .
وقال ابن عباس : المعنى للوجوه .
وقال الزمخشري : فإن قلت : حرف الاستعلاء ظاهر المعنى إذا قلت خر على وجهه وعلى ذقنه فما معنى اللام في خر لذقنه ؟ قال :
قلت : معناه جعل ذقنه ووجهه للخرور ، واختصه به لأن اللام للاختصاص انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.