تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

ثم بين - سبحانه - سوء مصيره ومصير أتباعه فقال : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ النار وَبِئْسَ الورد المورود }

ويقدم - كينصر - بمعنى يتقدم مأخوذ من الفعل قدم - بفتح الدال - تقول : قدم الرجل يقدم قدماً وقدوما بمعى : تقدم ، ومنه قادمة الرحل بمعنى مقدمته .

وقوله { فَأَوْرَدَهُمُ } من الإِيراد وهو جعل الشئ واردا إلى المكان - وداخلا فيه .

والورد - بكسر الواو - يطلق على الماء الذى يرد إليه الإِنسان والحيوان للشرب .

والمعنى : يتقدم فرعون قومه يوم القيامة إلى جهنم ، كما كان يتقدمهم فى الكفر فى لدنيا ، فأوردهم النار ، أى : فدخلها وأدخلهم معه فيها .

وعبر بالماضى مع أن ذلك سيكون يوم القيامة لتقحيق الوقوع وتأكده ، وقد صرح القرآن بأنهم سيدخلون النار بمجرد موتهم فقال - تعالى - : { النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب } وقوله وبئس الورد المورود ، أى : وبئس الورد الذى يردونه النار ، لأن الورد - الذى هو النصيب المقدر للإِنسان من الماء - إنما يذهب إليه قاصده لتسكين عطشه ، وإرواء ظمته ، وهؤلاء إنما يذهبون إلى النار التى هى ضد من ذلك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

وقال تعالى : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ } وكذلك شأن المتبوعين يكونون مُوفرين في العذاب يوم المعاد ، كما قال تعالى : { [ قَالَ ] لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ]{[14897]} وقال تعالى إخبارًا عن الكَفَرة أنهم يقولون في النار : { رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } [ الأحزاب : 67 ، 68 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هُشَيْم ، حدثنا أبو الجهم ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " امرؤ القيس حامل لواء شعراء الجاهلية إلى النار " {[14898]} .


[14897]:- زيادة من ت ، أ.
[14898]:- المسند (2/228).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

وقوله : { يقدم قومه يوم القيامة } الآية ، أخبر الله تعالى في هذه الآية عن فرعون أنه يأتي يوم القيامة مع قومه المغرقين معه ، وهو يقدمهم إلى النار : وأوقع الفعل الماضي في { أوردهم } موقع المستقبل ، لوضوح الأمر وارتفاع الإشكال عنه ، ووجه الفصاحة من العرب في أنها تضع أحياناً الماضي موضع المستقبل أن الماضي أدل على وقوع الفعل وحصوله ، و «الورود » في هذه الآية هو ورود الدخول وليس بورود الإشراف على الشيء والإشفاء{[6491]} لقوله تعالى : { ولما ورد ماء مدين }{[6492]} وقال ابن عباس : في القرآن أربعة أوراد : { وإن منكم إلا واردها }{[6493]} وقوله : { ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً }{[6494]} وهذه{[6495]} في مريم ، وفي الأنبياء : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون }{[6496]} قال : وهي كلها ورد دخول ، ثم ينجي الله الذين اتقوا و { المورود } صفة لمكان الورد - على أن التقدير : { وبئس } مكان { الورد المورود }{[6497]} - وقيل : { المورود } ابتداء والخبر مقدم ، والمعنى : المورود بئس الورد .


[6491]:- مصدر أشفى على الشيء: اقترب منه. (المعجم الوسيط).
[6492]:- من الآية (23) من سورة (القصص).
[6493]:- من الآية (71) من سورة (مريم).
[6494]:- من الآية (86) من سورة (مريم).
[6495]:- الصواب: وهاتان لأن الآية التي قبلها في مريم هي الأخرى.
[6496]:- من الآية (98) من سورة (الأنبياء).
[6497]:- جوّز ذلك أيضا أبو البقاء، ومعنى ذلك أن المخصوص محذوف لفهم المعنى كما حذف في قوله تعالى: {فبئس المهاد}، وهذا مبني على جواز وصف فاعل (نعم وبئس) وفيه خلاف، إذ ذهب ابن السراج والفارسي إلى أنه لا يجوز. وهناك تخريجات أخرى للآية تجدها في الكشاف للزمخشري، والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي وغيرهما.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

جملة { يقدم قومَه } يجوز أن تكون في موضع الحال من { فرعون } [ هود : 97 ] المذكور في الجملة قبلها . ويجوز أن تكون استئنافاً بيانياً .

والإيراد : جعل الشيء وارداً ، أي قاصداً الماء ، والذي يوردهم هو الفارط ، ويقال له : الفَرَط .

والوِرد بكسر الواو : الماء المورود ، وهو فِعْل بمعنى مَفعول ، مثل دبْح . وفي قوله : { فأوردهم النار وبئس الورد المورود } استعارة الإيراد إلى التقدّم بالناس إلى العذاب ، وهي تهكمّية لأن الإيراد يكون لأجل الانتفاع بالسقي وأمّا التقدّم بقومه إلى النار فهو ضد ذلك .

و { يقدُم } مضارع قدَم بفتح الدّال بمعنى تقدّم المتعدي إذا كان متقدّماً غيره .

وإنما جاء { فأوردهم } بصيغة الماضي للتّنْبِيه على تحقيق وقوع ذلك الإيراد وإلاّ فقرينة قوله : { يوم القيامة } تدلّ على أنّه لم يقع في الماضي .

وجملة { وبئس الورد المورود } في موضع الحال والضمير المخصوص بالمدح المحذوف هو الرابط وهو تجريد للاستعارة ، كقوله تعالى : { بئس الشراب } [ الكهف : 29 ] ، لأن الورد المشبه به لا يكون مذموماً .