تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

{ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } لا برص ولا نقص ، بل بياض يبهر الناظرين شعاعه . { فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } أي : هاتان الآيتان انقلاب العصا حية تسعى وإخراج اليد من [ ص 602 ] الجيب فتخرج بيضاء في جملة تسع آيات تذهب بها وتدعو فرعون وقومه ، { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } فسقوا بشركهم وعتوهم وعلوهم على عباد الله واستكبارهم في الأرض بغير الحق .

فذهب موسى عليه السلام إلى فرعون وملئه ودعاهم إلى الله تعالى وأراهم الآيات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

ثم أرشد - سبحانه - موسى - عليه السلام - إلى معجزة أخرى . لتكون دليلاً على صدقه فى رسالته إلى من سيرسله إليهم فقال : { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء } .

والمراد بجيبه : فتحة ثوبه أو قميصه عند مدخل رأسه ، أو عند جانبه الأيمن ، وأصل الجيب : القطع . يقال : جاب الشىء إذا قطعه .

والمعنى : وأدخل يا موسى يدك اليمنى فى فتحة ثوبك ، ثم أخرجها تراها تخرج بيضاء من غير سوء . أى : تخرج منيرة مشرقة واضحة البياض دون أن يكون بها أى سوء من مرض أو برص أو غيرهما . وإنما يكون بياضها بياضاً مشرقاً مصحوباً بالسلامة بقدرة الله - تعالى - وإرادته .

قال الحسن البصرى : أخرجها - والله - كأنها مصباح ، فعلم موسى أنه قد لقى ربه ،

وقوله : { تَخْرُجْ } جواب الأمر فى قوله : { وَأَدْخِلْ } ، و { بَيْضَآءَ } حال من فاعل تخرج ، و { مِنْ غَيْرِ سواء } يجوز أن يكون حالاً أخرى . أو صفة لبيضاء .

والمراد باليد هنا : كف يده اليمنى . والسوء : الردئ والقبيح من كل شىء ، وهو هنا كناية عن البرص لشدة قبحه .

وقوله - تعالى - : { فِي تِسْعِ آيَاتٍ إلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } يصح أن يكون حالاً ثالثة من فاعل { تَخْرُجْ } فيكون المعنى : وأدخل يا موسى يدك فى جيبك تخرج حالة كونها بيضاء .

وحالة كونها من غير سوء ، وحالة كونها مندرجة أو معدودة فى ضمن تسع آيات زودناك بها ، لتكون معجزات لك أمام فرعون وقومه ، على أنك صادق فيما تبلغه عن ربك .

قال الجمل " وقوله : { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } فيه وجوه : أحدها : أنه حال ثالثة يعنى من فاعل تخرج ، أى : آية فى تسع آيات .

الثانى : أنه متعلق بمحذوف أى : اذهب فى تسع آيات . . . " .

والمراد بالآيات التسع التى أعطاها الله - تعالى - لموسى - عليه السلام - : العصا ، واليد ، والسنون ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم . كما جاء ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم .

وقد جاء الحديث عن هذه الآيات فى مواضع أخرى من القرآن الكريم منها قوله - تعالى - : { فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } وقوله - سبحانه - : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بالسنين وَنَقْصٍ مِّن الثمرات لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } وقوله - عز وجل - : { فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم } وقال - تعالى - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم . . . } وتحديد الآيات بالتسع ، لا ينفى أن هناك معجزات أخرى ، أعطاها الله - تعالى - لموسى - عليه السلام - إذ من المعروف عند علماء الأصول أن تحديد العدد بالذكر ، لا يدل على نفى الزائد عنه .

قال ابن كثير : " ولقد أوتى موسى - عليه السلام - آيات أخرى كثيرة ، منها ضربه الحجر بالعصا ، وخروج الماء منه . . . وغير ذلك . مما أوتيه بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر . ولكن ذكر هنا هذه الآيات التسع التى شاهدها فرعون وقومه ، وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفراً وجحوداً .

وقوله - تعالى - : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } استئناف مسوق لبيان سبب إرسال موسى إلى فرعون وقومه .

أى : هذه الآيات التسع أرسلناك بها يا موسى إلى فرعون وقومه ، لأنهم كانوا قوما فاسقين عن أمرنا ، وخارجين على شرعنا ، وعابدين لغيرنا من مخلوقاتنا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

وقوله : { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } هذه آية أخرى ، ودليل باهر على قدرة الله الفاعل المختار ، وصِدْق من جعل له معجزة ، وذلك أن الله - تعالى - أمره أن يُدخل يده في جيب دِرْعِه ، فإذا أدخلها وأخرجها خَرجت بيضاء ساطعة ، كأنها قطعة قمر ، لها لمعان يتلألأ{[21974]} كالبرق الخاطف .

وقوله : { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } أي : هاتان ثنتان من تسع آيات أؤيدك بهن ، وأجعلهن برهانا لك إلى فرعون وقومه { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } وهذه هي الآيات التسع التي قال الله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [ الإسراء : 101 ] كما تقدم تقرير ذلك هنالك .


[21974]:- في ف : "تتلألأ"
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

{ وأدخل يدك في جيبك } لأنه كان بمدرعة صوف لا كم لها . وقيل الجيب القميص لأنه يجاب أي يقطع . { تخرج بيضاء من غير سوء } آفة كبرص . { في تسع آيات } في جملتها أو معها على أن التسع هي ، الفلق ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والطمسة ، والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزارعهم ولمن عد العصا واليد من التسع أن يعد الأخيرين واحدا ولا يعد الفلق لأنه لم يبعث به إلى فرعون . أو اذهب في تسع آيات على أنه استئناف بالإرسال فيتعلق به . { إلى فرعون وقومه } وعلى الأولين يتعلق بنحو مبعوثا أو مرسلا . { إنهم كانوا قوما فاسقين } تعليل للإرسال .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأدخل يدك} اليمنى {في جيبك} يعني: جيب المدرعة من قبل صدره.. {تخرج} اليد من المدرعة {بيضاء} لها شعاع كشعاع الشمس {من غير سوء} يعني: من غير برص، ثم انقطع الكلام، يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم {في تسع آيات} يعني: أعطي تسع آيات اليد، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، والطمس، فآيتان منهما أعطي موسى عليه السلام، بالأرض المقدسة اليد والعصا، حين أرسل إلى فرعون، وأعطي سبع آيات بأرض مصر حين كذبوه، فكان أولها اليد، وآخرها الطمس، يقول: {إلى فرعون}... {وقومه} أهل مصر {إنهم كانوا قوما فاسقين}، يعني: عاصين.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله لنبيه موسى:"وأدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ" وقوله: "تخْرُجْ بَيْضَاءَ "يقول: تخرج اليد بيضاء بغير لون موسى "من غيرِ سُوءٍ" يقول: من غير برص. "في تسع آيات"، يقول تعالى ذكره: أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء، فهي آية في تسع آيات مُرسل أنت بهنّ إلى فرعون، وترك ذكر مرسل لدلالة قوله "إلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ" على أن ذلك معناه...

والآيات التسع: هنّ الآيات التي بيّناهنّ فيما مضى... قال ابن زيد... هي التي ذكر الله في القرآن: العصا، واليد، والجراد، والقمل، والضفادع، والطوفان، والدم، والحجر، والطّمْس الذي أصاب آل فرعون في أموالهم.

وقوله: "إنّهُمْ كانُوا قَوْما فاسِقِينَ" يقول: إن فرعون وقومه من القبط كانوا قوما فاسقين، يعني كافرين بالله.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} فالله تعالى قادر أن يجعل يده بيضاء من غير إدخاله إياها في جيبه، لكنه امتحن موسى بالأمر بإدخالها في جيبه، وكذلك قادر أن يصير عصاه في يده حية، لكنه امتحنه بالأمر بإلقائها، ولله أن يمتحن عباده بكل أنواع المحن.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... {فِي تِسْعِ ءايات}... والمعنى: اذهب في تسع آيات {إلى فِرْعَوْنَ}...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

... و «الجيب» الفتح في الثوب لرأس الإنسان...

وقوله {من غير سوء} أي من غير برص ولا علة، وإنما هي آية تجيء وتذهب...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أراه سبحانه هذه الخارقة فيما كان في يده بقلب جوهرها إلى جوهر شيء آخر حيواني، أراه آية أخرى في يده نفسها بقلب عرضها الذي كانت عليه إلى عرض آخر نوراني، فقال: {وأدخل يدك في جيبك} أي فتحة ثوبك، وهو ما قطع منه ليخيط بعنقك {تخرج} أي إذا أخرجتها {بيضاء} أي بياضاً عظيماً نيراً جداً، له شعاع كشعاع الشمس.

ولما كان ربما وقع في وهم أن هذه آفة، قال: {من غير سوء} أي برص ولا غيره من الآفات، آية أخرى كائنة {في} جملة {تسع آيات} كما تقدم شرحها في سورة الإسراء وغيرها، منتهية على يدك برسالتي لك {إلى فرعون وقومه} أي الذين هم أشد أهل هذا الزمان قياماً في الجبروت والعدوان؛ ثم علل إرساله إليهم بالخوارق بقوله: {إنهم كانوا} أي كوناً كأنه جبلة لهم {قوماً فاسقين} أي خارجين عن طاعتنا، لتردهم إلينا.