تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ولا يظن الجاهل بحكمة اللّه أن يسوي اللّه بينهما في حكمه ، ولهذا قال : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } هذا غير لائق بحكمتنا وحكمنا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ثم بين - سبحانه - أن حكمته قد اقتضت استحالة المساواة بين الأخيار والفجار ، فقال - تعالى - : { أَمْ نَجْعَلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِي الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار } .

و " أم " فى الآية الكريمة منقطعة بمعنى بل الإِضرابية ، والهمزة للاستفهام الإِنكارى .

والإضراب هنا انتقالى من تقرير أن هذا الكون لم يخلقه الله - تعالى - عبقا إلى تقرير استحالة المساواة بين المؤمنين والكافرين .

والمعنى : وكما أننا لم نخلق هذا الكون عبثا ، كذلك اقتضت حكمتنا وعدالتنا . . استحالة المساواة - أيضا - بين المتقين والفجار .

وذلك لأن المؤمنين المتقين ، قد قدموا لنا فى دنياهم ما يرضينا ، فكافأناهم على ذلك بما يرضيهم ، ويسعدهم ويشرح صدورهم ، ويجعلهم يوم القيامة خالدين فى جنات النعيم .

أما المفسدون الفجار ، فقد قدموا فى دنياهم ما يغضبنا ويسخطنا عليهم ، فجازيناهم على ذلك بما يستحقون من عذاب السعير .

وربك أيها العاقل " لا يضيع أجر من أحسن عملا " " ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون "

فالمقصود بالآية الكريمة إعلان استحالة التسوية فى الآخرة بين المؤمنين والكافرين ، لأن التسوية بينهما ظلم ، وهو محال عليه - تعالى - ، وما كان البعث والجزاء والثواب والعقاب يوم القيامة إلا ليجزى - سبحانه - الذين أساءوا بما عملوا ، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى ، .

ومن الآيات التى تشبه فى معناها هذه الآية قوله - تعالى - : { أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات أَن نَّجْعَلَهُمْ كالذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ثم بين تعالى أنه من عدله وحكمته لا يساوي بين المؤمن والكافر فقال : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } أي : لا نفعل ذلك ولا يستوون عند الله ، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من دار أخرى يثاب فيها هذا المطيع ويعاقب فيها هذا الفاجر . وهذا الإرشاد يدل العقول السليمة والفطر المستقيمة على أنه لا بد من معاد وجزاء فإنا نرى الظالم الباغي يزداد ماله وولده ونعيمه ويموت كذلك ونرى المطيع المظلوم يموت بكمده فلا بد في حكمة الحكيم العليم العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة من إنصاف هذا من هذا . وإذا لم يقع هذا في هذه الدار فتعين أن هناك داراً أخرى لهذا الجزاء والمواساة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

وقوله : ( أمْ نَجْعَلُ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كالمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ ) : يقول : أنجعل الذين صدّقوا الله ورسوله وعملوا بما أمر الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه كالمُفْسِدينَ فِي الأرْضِ يقول : كالذين يشركون بالله ويعصُونه ويخالفون أمره ونهيه . ( أمْ نَجْعَلُ المُتّقِينَ ) : يقول : الذين اتقوا الله بطاعته وراقبوه ، فحذروا معاصيه كالفُجّارِ يعني : كالكفار المنتهكين حرمات الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

{ أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض } { أم } منقطعة والاستفهام فيها لإنكار التسوية بين الحزبين التي هي من لوازم خلقها باطلا ليدل على نفيه وكذا التي في قوله : { أم نجعل المتقين كالفجار } كأنه أنكر التسوية أولا بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم ، ويجوز أن يكون تكريرا للإنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم ، والآية تدل على صحة القول بالحشر ، فإن التفاضل بينهما إما أن يكون في الدنيا والغالب فيها عكس ما يقتضي الحكمة فيه ، أو في غيرها وذلك يستدعي أن يكون لهم حالة أخرى يجازون بها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ثم وقف تعالى على الفرق عنده بين المؤمنين العاملين بالصالحات ، وبين المفسدين بالكفرة ، وبين المتقين والفجار ، وفي هذا التوقيف حض على الإيمان وترغيب فيه ، ووعيد للكفرة .