فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

{ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ } قال مقاتل : قال كفار قريش للمؤمنين : إنا نعطي في الآخرة كما تعطون فنزلت وأم هي المنقطعة المقدرة ببل ، والهمزة للإضراب الانتقالي عن تقرير أمر البعث والحساب والجزاء ، بما مر من نفي خلق العالم خاليا عن الحكم والمصالح إلى تقريره وتحقيقه بما في الهمزة من إنكار التسوية بين الفريقين ، ونفيها على أبلغ وجه وآكده ؛ أي أنجعل الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله وعملوا بفرائضه كالكفرة المفسدين في أقطار الأرض بالمعاصي .

قال ابن عباس في الآية الذين آمنوا عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث والمفسدون في الأرض عتبة وشيبة والوليد ثم أضرب سبحانه إضرابا آخر وانتقل عن الأول إلى ما هو أظهر استحالة منه فقال :

{ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } أي : بل أنجعل أتقياء المؤمنين كأشقياء الكافرين المنافقين ؟ وحمل الفجار على المنهمكين في معاصي الله سبحانه من المسلمين ، مما لا يساعده المقام ، وقيل المراد بالمتقين الصحابة ولا وجه للتخصيص والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ويجوز أن يراد بهذين الفرقين عين الأولين ويكون التكرير باعتبار وصفين آخرين هما أدخل في إنكار التسوية من الوصفين الأولين .