الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ثم وقفَ تَعالى عَلى الفَرْقِ عندَه بيْنَ المؤمِنينَ العامِلينَ بالصَّالِحَاتِ وبَيْنِ المفْسِدِينَ الكَفَرَةِ وبَيْنَ المتَّقِينَ والفُجَّارِ ، وفي هَذَا التوقيفِ حَضٌّ عَلَى الإيمانِ والتقوى ، وتَرْغِيبٌ في عَمَل الصالحات ، قَال ابنُ العَرَبِيِّ : نَفَى اللَّهُ تَعَالَى المساواةَ بَيْنَ المؤمِنينَ والكافِرِينَ ، وبَيْنَ المتقينَ والفُجَّار ؛ فلا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ في الآخرةِ ، كَما قَالهُ المفَسِّرون ولاَ في الدُّنْيَا أيْضاً ؛ لأنَّ المؤمنينَ المتقينَ معصومُونَ دَماً ومالاً وعرْضاً ، والمُفْسِدُونَ في الأرض والفُجَّارُ مُبَاحُو الدَّمِ والمالِ والعِرْضِ ، فَلاَ وَجْهَ لِتَخْصِيصِ المفسِّرِينَ بِذَلِكَ في الآخرة دون الدُّنْيَا ، انتهى من «الأحكام » . وهذا كما قال : وقوله تعالى في الآية الأخرى : { سَوَاءً محياهم ومماتهم } [ الجاثية : 21 ] يشهد له ، وباقي الآية بَيِّنٌ .