فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ} (28)

ثم وبخهم وبكتهم فقال : { أَمْ نَجْعَلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين في الأرض } قال مقاتل : قال كفار قريش للمؤمنين : إنا نعطي في الآخرة كما تعطون ، فنزلت ، و " أم " هي المنقطعة المقدّرة ببل والهمزة ، أي بل أنجعل الذين آمنوا بالله ، وصدقوا رسله ، وعملوا بفرائضه كالمفسدين في الأرض بالمعاصي . ثم أضرب سبحانه إضراباً آخر ، وانتقل عن الأول إلى ما هو أظهر استحالة منه ، فقال : { أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار } أي بل تجعل أتقياء المؤمنين كأشقياء الكافرين والمنافقين ، والمنهمكين في معاصي الله سبحانه من المسلمين ، وقيل : إن الفجار هنا خاص بالكافرين ، وقيل : المراد بالمتقين الصحابة ، ولا وجه للتخصيص بغير مخصص ، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

/خ33