{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }
هذا تسلية من الله تعالى لعباده المؤمنين ، حين أصابهم ما أصابهم يوم " أحد " وقتل منهم نحو سبعين ، فقال الله : إنكم { قد أصبتم } من المشركين { مثليها } يوم بدر فقتلتم سبعين من كبارهم وأسرتم سبعين ، فليهن الأمر ولتخف المصيبة عليكم ، مع أنكم لا تستوون أنتم وهم ، فإن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار .
{ قلتم أنى هذا } أي : من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا ؟ { قل هو من عند أنفسكم } حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ، فعودوا على أنفسكم باللوم ، واحذروا من الأسباب المردية .
{ إن الله على كل شيء قدير } فإياكم وسوء الظن بالله ، فإنه قادر على نصركم ، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم . { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض }
ثم واصلت السورة الكريمة حديثها عن غزوة أحد فحكت ما قاله ضعاف الإيمان فى أعقابها ، وردت عليهم بما يبطل مقالتهم ، وبما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم فقال - تعالى : { أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ . . . . } .
قوله تعالى : { أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا } الخ مستأنف مسوق لإبطال بعض ما نشأ من الظنون الفاسدة ، إثر إبطال بعض آخر تقدم الحديث عنه من فوائد غزوة أحد أنها كشفت عن قوة الإيمان من ضعيفه ، ميزت الخبيث من الطيب .
وإذا كان انتصار المسلمين فى بدر جعل كثيراً من المنافقين يدخلون فى الإسلام طمعا فى الغنائم . . فإن عدم انتصارهم فى أحد قد أظهر المنافقين على حقيقتهم ، ويسر للمؤمنين معرفتهم والحذر منهم .
والهمزة فى قوله { أَوَ لَمَّا } للاستفهام الإنكارى التعجيبي . و " الواو " للعطف على محذوف و " لما " ظرف بمعنى حين مضافة إلى ما بعدها مستعملة فى الشرط . والمصيبة : أصلها فى اللغة الرمية التى تصيب الهدف ولا تخطئه ، ثم أطلقت على ما يصيب الإنسان فى نفسه أو أهله أو ما له أو غير ذلك من مضار . وقوله { مِّثْلَيْهَا } أى ضعفها ، فإن مثل الشىء ما يساويه . ومثليه ضعفه .
والمعنى : أفعلتم ما فعلتم من أخطاء ، وحين أصابكم من المشركين يوم أحد نصف ما أصابهم منكم قبل ذلك فى بدر تعجبتم وقلتم { أنى هذا } أى من أين لنا هذا القتل والخذلان ونحن مسلمون نقاتل فى سبيل الله ، وفينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأعداؤنا الذين قتلوا منا من قتلوا مشركون يقاتلون فى سبيل الطاغوت .
فالجملة الكريمة توبيخ لهم على ما قالوه لأنه ما كان ينبغى أن يصدر عنهم . إذ هم قد قتلوا من المشركين فى بدر سبعين من صناديدهم واسروا منهم قريبا من هذا العدد وفى أحد كذلك كان لهم النصر فى أول المعركة على المشركين ، وقتلوا منهم قريبا من عشرين إلا أنهم حين خالفوا وصية رسولهم صلى الله عليه وسلم وتطلعوا إلى الغنائم منع الله عنهم نصره ، فقتل المشركون منهم قريبا من سبعين .
وقوله { قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا } فى محل رفع صفة " لمصيبة " . وفائدة هذا القول التنبيه على أن أمور الدنيا لا تبقى على حال واحدة ، وإن من شأن الحرب أن تكون سجالا ، إلا أن العاقبة جعلها الله للمتقين .
وقوله { قُلْتُمْ أنى هذا } هو موضع التوبيخ والتعجيب من شأنهم ، لأن قولهم هذا يدل على أنهم لم يحسنوا وضع الأمور فى نصابها حيث ظنوا أن النصر لا بد أن يكون حليفهم حتى ولو خالفوا أمر قائدهم ورسولهم - صلى الله عليه وسلم - ولذا فقد رد الله - تعالى - عليهم بما من شأنه أن يعيد إليهم صوابهم وبما يعرفهم السبب الحقيقى فى هزيمتهم فقال : { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } .
أى قل يا محمد لهؤلاء الذين قالوا ما قالوا : إن ما أصابكم فى أحد سببه أنتم لا غيركم .
فأنتم الذين أبيتم إلا الخروج من المدينة مع أن النبى صلى الله عليه وسلم أشار عليكم بالبقاء فيها . وأنتم الذين خالفتم وصيته بترككم أماكنكم التى حددها لكم وأمركم بالثبات فيها . وأنتم الذين تطلعت أنفسكم إلى الغنائم فاشتغلتم بها وتركتم النصيحة ، وأنتم الذين تفرقتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ساعة الشدة والعسرة لهذه المخالفات التى نبعت من أنفسكم أصابكم ما أصابكم فى أحد ، وكان الأولى بكم أن تعرفوا ذلك وأن تعتبروا وأن تقلعوا عن هذا القول التى لا يليق بالعقلاء ، إذ العاقل هو الذى يحاسب نفسه عندما يفاجئه المكروه ويعمل على تدارك أخطائه ويقبل على حاضره ومستقبله بثبات وصبر مستفيدا بماضيه ومتعظا بما حدث له فيه .
وما أحوج الناس فى كل زمان ومكان إلى الأخذ بهذا الدرس فإن كثيرا منهم يقصرون فى حق الله وفى حق أنفسهم وفى حق غيرهم ، ولا يباشرون الأسباب التى شرعها الله للوصول إلى النصر . . بل يبنون حياتهم على الغرور والإهمال ، فإذا ما أصابتهم الهزيمة مسحوا عيوبهم فى القضاء والقدر ، أو فى غيرهم من الناس ، أو شدهوا لهول ما أصابهم - بسبب تقصيرهم - ثم قالوا : أنى هذا ؟ وما دروا لجهلهم وغرورهم - أن الله - تعالى - قد جعل لكل شىء سببا . فمن باشر أسباب النجاح وصل إليها بإذن الله ومن أعرض عنها حرمه الله - تعالى - من عونه ورعايته .
ولقد أكد - سبحانه قدرته على كل شىء فقال : { إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِير } أى إن الله تعالى - قدرته فوق كل شىء فهو القدير على نصركم وعلى خذلانكم وبما أنكم قد خالفتم نبيكم صلى الله عليه وسلم فقد حرمكم الله نصره ، وقرر لكم الخذلان ، حتى تعتبروا ولا تعودوا إلى ما حدث من بعضكم فى غزوة أحد ، ولتذكروا دائما قوله - تعالى - { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ }
ثم يمضي السياق خطوة في استعراض أحداث المعركة ، والتعقيب عليها ؛ فيعرض دهشتهم لما صارت إليه الأمور ، واستغرابهم لوقوع ما وقع بهم - وهم المسلمون - مما يشي بسذاجة تصورهم للأمر يومذاك قبل أن تطحنهم التجربة ، وتصوغهم صياغة واقعية ، تتعامل مع واقع الأمر ، وطبيعة السنن ، وجدية هذا الواقع الذي لا يحابي أحدا لا يأخذ بالسنن ، ولا يستقيم مع الجد الصارم في طبيعة الكون والحياة والعقيدة ! ومن ثم يقفهم على الأرض الصلبة المكشوفة ؛ وهو يبين لهم أن ما أصابهم كان بفعلهم ، وكان الثمرة الطبيعية لتصرفهم ! . . ولكنه لا يتركهم عند هذه النقطة - التي وإن كانت حقيقة إلا أنها ليست نهاية الحقيقة - بل يصلهم بقدر الله من وراء الأسباب والنتائج ؛ وبمشيئة الله الطليقة من وراء السنن والقوانين ؛ فيكشف لهم عن حكمة ما وقع ، وعن تدبير الله فيه ليحقق من ورائه الخير لهم ، وللدعوة التي يجاهدون في سبيلها ؛ وليعدهم بهذه التجربة لما بعدها ، وليمحص قلوبهم ، ويميز صفوفهم ، من المنافقين الذين كشفتهم الأحداث . فالأمر في النهاية مرجعه إلى قدر الله وتدبيره . . وبذلك تتكامل الحقيقة في تصورهم ومشاعرهم من وراء هذا البيان القرآني الدقيق العميق :
( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم : أنى هذا ؟ قل : هو من عند أنفسكم ، إن الله على كل شيء قدير . وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله ، وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا ، وقيل لهم : تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، قالوا : لو نعلم قتالا لاتبعناكم ! هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ، يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، والله أعلم بما يكتمون . الذين قالوا لإخوانهم - وقعدوا - : لو أطاعونا ما قتلوا . قل : فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ) . .
لقد كتب الله على نفسه النصر لأوليائه ، حملة رايته ، وأصحاب عقيدته . . ولكنه علق هذا النصر بكمال حقيقة الإيمان في قلوبهم ؛ وباستيفاء مقتضيات الإيمان في تنظيمهم وسلوكهم ؛ وباستكمال العدة التي في طاقتهم ، وببذل الجهد الذي في وسعهم . . فهذه سنة الله . وسنة الله لا تحابي أحدا . . فأما حين يقصرون في أحد هذه الأمور ، فإن عليهم أن يتقبلوا نتيجة التقصير . فإن كونهم مسلمين لا يقتضي خرق السنن لهم وأبطال الناموس . فإنما هم مسلمون لأنهم يطابقون حياتهم كلها على السنن ، ويصطلحون بفطرتهم كلها مع الناموس . .
ولكن كونهم مسلمين لا يذهب هدرا كذلك ، ولا يضيع هباء . فإن استسلامهم لله ، وحملهم لرايته ، وعزمهم على طاعته ، والتزام منهجه . . من شأنه أن يرد أخطاءهم وتقصيرهم خيرا وبركة في النهاية - بعد استيفاء ما يترتب عليها من التضحية والألم والقرح - وأن يجعل من الأخطاء ونتائجها دروسا وتجارب ، تزيد في نقاء العقيدة ، وتمحيص القلوب ، وتطهير الصفوف ؛ وتؤهل للنصر الموعود ؛ وتنتهي بالخير والبركة . . ولا تطرد المسلمين من كنف الله ورعايته وعنايته . بل تمدهم بزاد الطريق . مهما يمسهم من البرح والألم والضيق في أثناء الطريق .
وبهذا الوضوح والصرامة معا يأخذ الله الجماعة المسلمة ؛ وهو يرد على تساؤلها ودهشتها مما وقع ؛ ويكشف عن السبب القريب من أفعالها ؛ كما يكشف عن الحكمة البعيدة من قدره - سبحانه - يواجه المنافقين بحقيقة الموت ، التي لا يعصم منها حذر ولا قعود :
( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم . إن الله على كل شيء قدير ) . .
والمسلمون الذين أصيبوا في أحد بما أصيبوا ؛ والذين فقدوا سبعين من شهدائهم غير الجراح والآلام التي عانوها في هذا اليوم المرير ؛ والذين عز عليهم أن يصيبهم ما أصابهم ، وهم المسلمون ، وهم يجاهدون في سبيل الله ، وأعداؤهم هم المشركون أعداء الله . . المسلمون الذين أصيبوا بهذه المصيبة ، كان قد سبق لهم أن أصابوا مثليها : أصابوا مثلها يوم بدر فقتلوا سبعين من صناديد قريش . وأصابوا مثلها يوم أحد في مطلع المعركة ، حينما كانوا مستقيمين على أمر الله وأمر رسوله [ ص ] وقبل أن يضعفوا أمام إغراء الغنائم . وقبل أن تهجس في أنفسهم الخواطر التي لا ينبغي أن تهجس في ضمائر المؤمنين !
ويذكرهم الله هذا كله ، وهو يرد على دهشتهم المتسائلة ، فيرجع ما حدث لهم إلى سببه المباشر القريب :
أنفسكم هي التي تخلخلت وفشلت وتنازعت في الأمر . وأنفسكم هي التي أخلت بشرط الله وشرط رسوله [ ص ] وأنفسكم هي التي خالجتها الأطماع والهواجس . وأنفسكم هي التي عصت أمر رسول الله وخطته للمعركة . . فهذا الذي تستنكرون أن يقع لكم ، وتقولون : كيف هذا ؟ هو من عند أنفسكم ، بانطباق سنة الله عليكم ، حين عرضتم أنفسكم لها . فالإنسان حين يعرض نفسه لسنة الله لا بد أن تنطبق عليه ، مسلما كان أو مشركا ، ولا تنخرق محاباة له ، فمن كمال إسلامه أن يوافق نفسه على مقتضى سنة الله ابتداء !
( إن الله على كل شيء قدير ) . .
ومن مقتضى قدرته أن تنفذ سنته ، وأن يحكم ناموسه ، وأن تمضي الأمور وفق حكمه وإرادته ، وألا تتعطل سننه التي أقام عليها الكون والحياة والأحداث .
ثم وقف تعالى المؤمنين على الخطإ في قلقهم للمصيبة التي نزلت بهم وإعراضهم عما نزل بالكفار ، وعرفهم أن ذلك لسبب أنفسهم ، والواو في قوله : { أولما } عطف جملة على جملة دخلت عليها ألف التقرير على معنى إلزام المؤمنين هذه المقالة في هذه الحال ، والمصيبة التي نالت المؤمنين هي : قصة - أحد - وقتل سبعين منهم ، واختلف في المثلين اللذين أصاب المؤمنين فقال قتادة والربيع : وابن عباس وجمهور المتأولين : ذلك في يوم بدر ، قتل المؤمنون من كفار قريش سبعين وأسروا سبعين ، وقال الزجّاج : أحد المثلين : هو قتل السبعين يوم بدر ، والثاني : هو قتل اثنين وعشرين من الكفار يوم - أحد - فهو قتل بقتل ، ولا مدخل للأسرى في هذه الآية ، هذا معنى كلامه ، لأن أسارى بدر أسروا ثم فدوا ، فلا مماثلة بين حالهم وبين قتل سبعين من المؤمنين ، و { أَنّى } -معناها : كيف ومن أين ؟ ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام أن يقول لهم : { هو من عند أنفسكم } ، واختلف الناس كيف هو من عند أنفسهم ولأي سبب ؟ فقال الجمهور من المفسرين : لأنهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرأي حين رأى أن يقيم بالمدينة ويترك كفار قريش بشر محبس فأبوا إلا الخروج حتى جرت القصة ، وقالت طائفة : قوله تعالى : { من عند أنفسكم } إشارة إلى عصيان الرماة وتسبيبهم الهزيمة على المؤمنين . وقال الحسن وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : بل ذلك لما قبلوا الفداء يوم بدر ، وذلك أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما فرغت هزيمة المشركين ببدر جاء جبريل عليه السلام إلى النبي عليه السلام فقال : يا محمد إن الله قد كره ما يصنع قومك في أخذ الأسارى ، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين : أن يقدموا الأسارى فتضرب أعناقهم ، أو يأخذوا الفداء ، على أن يقتل من أصحابك عدة هؤلاء الأسارى ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ، بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم ، فليس في ذلك ما نكره ، قال : فقتل منهم يوم أحد - سبعون رجلاً{[3694]} .