تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

ثم فخم شأنها ، وعظم مقدارها فقال : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي : فإن شأنها جليل ، وخطرها عظيم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

وقوله - تعالى - : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر } تنويه آخر بشرف هذه الليلة ، وتفخيم لشأنها ، حتى لكأن عظمتها أكبر من أن تحيط بها الكلمات والألفاظ .

أى : وما الذى يدريك بمقدار عظمتها وعلو قدرها ، إن الذى يعلم مقدار شرفها هو الله - تعالى - علام الغيوب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

1

والليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري : ( وما أدراك ما ليلة القدر ? )وذلك بدون حاجة إلى التعلق بالأساطير التي شاعت حول هذه الليلة في أوهام العامة . فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل هذا القرآن . وإفاضة هذا النور على الوجود كله ، وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير البشري والحياة الإنسانية ، وبما تضمنه هذا القرآن من عقيدة وتصور وشريعة وآداب تشيع السلام في الأرض والضمير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

كما عظمه بأن أسند نزوله إليه وعظم الوقت الذي أنزل فيه بقوله { وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر } وإنزاله فيها بأن ابتدأ بإنزاله فيها ، أو أنزله جملة من اللوح إلى السماء الدنيا على السفرة ، ثم كان جبريل عليه الصلاة والسلام ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة . وقيل : المعنى أنزلناه في فضلها ، وهي في أوتار العشر الأخير في رمضان ، ولعلها السابعة منها ، والداعي إلى إخفائها أن يحيي من يريدها ليالي كثيرة . وتسميتها بذلك لشرفها ، أو لتقدير الأمور فيها ، لقوله سبحانه وتعالى : فيها يفرق كل أمر حكيم ، وذكر الألف إما للتكثير أو لما روي أنه صلى الله عليه وسلم ذكر إسرائيليا يلبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون ، وتقاصرت إليهم أعمالهم ، فأعطوا ليلة القدر هي خير من مدة ذلك الغازي .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

وقوله تعالى : { وما أدراك ما ليلة القدر } ليلة القدر عبارة عن تفخيم لها ، ثم أدراه تعالى بعد قوله : { ليلة القدر خير } ، قال ابن عيينة في صحيح البخاري : ما كان في القرآن : { وما أدراك } فقد أعلمه ، وما قال : «وما يدريك » فإنه لم يعلم{[11919]} ، وذكر ابن عباس وقتادة وغيره : أنها سميت ليلة القدر ، لأن الله تعالى يقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العالم كلها ، ويدفع ذلك إلى الملائكة لتمتثله ، وقد روي مثل هذا في ليلة النصف من شعبان ، ولهذا ظواهر من كتاب الله عز وجل على نحو قوله تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم }{[11920]} [ الدخان : 4 ] ، وأما الصحة المقطوع بها فغير موجودة ، وقال الزهري معناه : ليلة القدر العظيم والشرف الشأن ، من قولك : رجل له قدر ، وقال أبو بكر الوراق : سميت ليلة القدر لأنها تسب من أحياها قدراً عظيماً لم يكن من قبل ، وترده عظيماً عند الله تعالى ، وقيل : سميت بذلك لأن كل العمل فيها له قدر خطير ، وليلة القدر مستديرة في أوتار{[11921]} العشر الأواخر من رمضان ، هذا هو الصحيح المعول عليه ، وهي في الأوتار بحسب الكمال والنقصان في الشهر ، فينبغي لمرتقبها أن يرتقبها من ليلة عشرين في كل ليلة إلى آخر الشهر ، لأن الأوتار مع كمال الشهر ، ليست الأوتار مع نقصانه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسل : «لثالثة تبقى ، لخامسة تبقى ، لسابعة تبقى{[11922]} » ، وقال : «التمسوها في الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة{[11923]} » ، وقال مالك : يريد بالتاسعة ليلة إحدى وعشرين ، وقال ابن حبيب : يريد مالك إذا كان الشهر ناقصاً ، فظاهر هذا أنه عليه السلام احتاط في كمال شهر ونقصانه ، وهذا لا تتحصل معه الليلة إلا بعمارة العشر كله ، وروي عن أبي حنيفة وقوم : أن ليلة القدر رفعت ، وهذا قول مردود ، وإنما رفع تعيينها ، وقال ابن مسعود : من يقم السنة كلها يصبها ، وقال أبو رزين : هي أول ليلة من شهر رمضان ، وقال الحسن : هي ليلة سبع عشرة ، وهي التي كانت في صبيحتها وقعة بدر ، وقال كثير من العلماء : هي ليلة ثلاث وعشرين ، وهي رواية عبد الله بن أنيس الجهني ، وقاله ابن عباس ، وقال أيضاً وهو وجماعة من الصحابة : هي ليلة سبع وعشرين ، واستدل ابن عباس على قوله بأن الإنسان خلق من سبع ، وجعل رزقه في سبع ، واستحسن ذلك عمر رضي الله عنه ، وقال زيد بن ثابت وبلال : هي ليلة أربع عشرين ، وقال بعض العلماء : أخفاها الله تعالى عن عباده ليجدوا في العمل ولا يتكلوا على فضلها ويقصروا في غيرها ، ثم عظم تعالى أمر ليلة القدر على نحو قوله : { وما أدراك ما الحاقة } [ الحاقة : 2 ] وغير ذلك


[11919]:أما (وما أدراك) فقد جاءت في القرآن في 13 ثلاثة عشر موضعا هي: (وما أدراك ما الحاقة) 3 الحاقة، (وما أدراك ما سقر) 27 المدثر، (وما أدراك ما يوم الفصل) 14 المرسلات، (وما أدراك ما يوم الدين) 17 الانفطار، (ثم ما أدراك ما يوم الدين) 18 الانفطار، (وما أدراك ما سجين) 8 المطففين، (وما أدراك ما عليون) 19 المطففين. (وما أدراك ما الطارق) 2 الطارق، (وما أدراك ما العقبة) 12 البلد، (وما أدراك ما ليلة القدر) القدر، (وما أدراك ما القارعة) 3 القارعة، (وما أدراك ماهيه) 10 القارعة، (وما أدراك ما الحطمة) 5 الهمزة. وأما (وما يدريك) فقد جاءت في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم، وهي: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) 63 الأحزاب، (وما يدريك لعل الساعة قريب) 17 الشورى، (وما يدريك لعله يزكى) 3 عبس.
[11920]:الآية 4 من سورة الدخان.
[11921]:جمع (وتر) أو (وتر) – وهو هنا الفرد من الليالي، أي العدد الذي لا يقبل القسمة على اثنين.
[11922]:أخرج البخاري، وأبو داود، وابن جرير، والبيهقي، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، وفي سابعة تبقى، وفي خامسة تبقى)، وأخرج أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر، في تاسعة وسابعة وخامسة)، وأخرج الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، والحاكم وصححه، والبيهقي عن عبد الرحمن بن جوشن، قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال: أما أنا فلست بملتمسها إلا في العشر الأواخر بعد حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (التمسوها في العشر الأواخر، لتاسعة تبقى، أو سابعة تبقى، أو ثالثة تبقى، أو آخر ليلة)، فكان أبو بكرة رضي الله عنه يصلي في عشرين من رمضان كما كان يصلي في سائر السنة، فإذا دخل العشر اجتهد. (الدر المنثور).
[11923]:أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبيهقي، من طريق أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة)، قلت: يا أبا سعيد، إنكم أعلم بالعدد منا، قال: أجل، قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة، وإذا مضى الثلاث والعشرون فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة. وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، والبيهقي، عن عبادة ابن الصامت قال: خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، قال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين – فلان وفلان- فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

تعظيما لها . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله: { وَمَا أدْرَاكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ } يقول: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء ليلة القدر. "خير من ألف شهر" .

اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ؛ فقال بعضهم : معنى ذلك : العمل في ليلة القدر بما يرضي الله ، خير من العمل في غيرها ألفَ شهر ...

وقال آخرون : معنى ذلك أن ليلة القدر خير من ألف شهر ، ليس فيها ليلة القدر ...

وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزليل قول من قال : عمل في ليلة القَدْر خير من عمل ألف شهر ، ليس فيها ليلة القَدْر ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ وما أدراك ما ليلة القدر } هذا يحتمل وجهين : أحدهما : يقول : ما كنت تدري حتى أدراك ، كقوله : { ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } ( هود : 49 ) . ( والثاني ) : قوله : { وما أدراك } على التعظيم لها والتعجيب ، والله أعلم . وقيل : نزول هذه الآية على معنى التسلي ، أعطاه فضل هذه الليلة والعمل بها ....

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{ وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ } تنبيهاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على فضلها ، وحثّاً على العمل فيها ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

يعني : ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علوّ قدرها . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وما أدراك } أي وأي شيء أعلمك وأنت شديد التفحص { ما ليلة القدر } أي لم تبلغ درايتك وأنت أعلم الناس غاية فضلها ومنتهى عليّ قدرها على ما لك من سعة العلم ، وإحاطة الفكر ، وعظيم المواهب . ...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر } لما فيهِ منَ الدلالةِ عَلى أنَّ علوّ قدرِها خارجٌ عنْ دائرةِ درايةِ الخَلْقِ لا يدريَها وَلاَ يدريَها إلاَّ علاَّمُ الغيوبِ كمَا يُشعِرُ بهِ . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري : ( وما أدراك ما ليلة القدر ? )وذلك بدون حاجة إلى التعلق بالأساطير التي شاعت حول هذه الليلة في أوهام العامة . فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل هذا القرآن . وإفاضة هذا النور على الوجود كله ، وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير البشري والحياة الإنسانية ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

تنويه بطريق الإِبهام المراد به أن إدراك كنهها ليس بالسهل لما ينطوي عليه من الفضائل الجمّة . وكلمة ( ما أدراك ما كذا ) كلمة تقال في تفخيم الشيء وتعظيمه ، والمعنى : أيُّ شيء يُعَرِّفك ما هي ليلة القدر ، أي يعسر على شيءٍ أن يعرِّفك مقدارَها ، وقد تقدمت غير مرة منها ، قوله : { وما أدراك ما يوم الدين } في سورة الانفطار ( 17 ) قريباً . والواو واو الحال . وأعيد اسم { لَيْلَةُ القدر } الذي سَبق قريباً في قوله : { في ليلة القدر } [ القدر : 1 ] على خلافِ مقتضى الظاهر لأن مقتضى الظاهر الإِضمارُ ، فقُصِد الاهتمامُ بتعيينها ، فحصل تعظيم ليلة القدر صريحاً ، وحصلت كناية عن تعظيم ما أنزل فيها وأن الله اختار إنزاله فيها ليتطابق الشرفان ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

ليلة القدر سرّ من أسرار الله { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } فليس شأنها مما يمكن للإنسان أن يدركه بنفسه ، لأن ذلك سرّ الله في الزمان كما هو سرّه في المكان وفي الأشخاص. ...