الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ} (2)

وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة من الذكر الذي عند رب العزة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ، ثم جعل جبريل ينزل على محمد بحراء بجواب كلام العباد وأعمالهم .

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : أنزل الله القرآن جملة في ليلة القدر كله { ليلة القدر خير من ألف شهر } يقول : خير من عمل ألف شهر .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : ليلة الحكم .

وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر .

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي في قوله : { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال : عمل فيها خير من عمل في ألف شهر .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر عن قتادة في قوله : { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال : خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وفي قوله : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } قال : يقضي فيها ما يكون في السنة إلى مثلها { سلام هي } قال : إنما هي بركة كلها وخير { حتى مطلع الفجر } يقول : إلى مطلع الفجر .

وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في شعب الإِيمان عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمال الناس قبله ، أو ما شاء الله من ذلك ، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتى يمسي ، ففعل ذلك ألف شهر ، فأنزل الله { ليلة القدر خير من ألف شهر } قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك ، فأنزل الله { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاماً ، لم يعصوه طرفة عين ، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون ، فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل ، فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ، فقد أنزل الله خيراً من ذلك ، فقرأ عليه { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه .

وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فأوحى الله إليه : إنما هو ملك يصيبونه ، ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } .

وأخرج الخطيب عن ابن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرأيت بني أمية يصعدون منبري ، فشق ذلك عليّ ، فأنزل الله { إنا أنزلناه في ليلة القدر } » .

وأخرج الترمذي - وضعفه - وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف بن مازن الرؤاسي قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية ، فقال : سوّدت وجوه المؤمنين ، فقال : لا تؤنبني رحمك الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره ، فساءه ذلك ، فنزلت { إنا أعطيناك الكوثر } [ الكوثر : 1 ] يا محمد ، يعني نهراً في الجنة ، ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية ، يا محمد : قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ، ولا تنقص يوماً .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد في قوله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : ليلة الحكم { وما أدراك ما ليلة القدر } قال : ليلة الحكم .