قوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدرَ ليْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } بين فضلها ، وعظمها ، وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل ، وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر ، جميع الدهر ، لأن العرب تذكر الألف ، لا تريد حقيقتها ، وإنما تريد المبالغة في الكثرة ، كقوله تعالى : { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } [ البقرة : 96 ] ، يعني جمع الدهر .
[ وقيل : إن العابد فيما مضى لا يسمى عابداً ، حتى يعبد الله ألف شهر ، فجعل الله تعالى لهذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم عبادة ليلة خير من ألف شهر كانوا يعبدونها ]{[60579]} .
وقال أبو بكر الوراق : كان ملك سليمان - عليه الصلاة والسلام - خمسمائة شهر ، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر ، فصار ملكهما ألف شهر ، فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيراً من ملكهما .
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجُلاً من بني إسرائيل حمل السلاح ألف شهرٍ ، فعجب المسلمون من ذلك فنزلت هذه الآية ، يعني خير من ألف شهر التي لبس السلاح فيها في سبيل الله ، ونحوه عن ابن عبَّاس رضي الله عنه{[60580]} .
وقال مالك بن أنس - رضي الله عنه - : أري رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار الناس ، فاستقصر أعمار أمته ، فخاف ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر ، وجعلها خيراً من ألف شهر لسائر الأمم{[60581]} .
وقال عكرمة وعروة : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة من بني إسرائيل ، يقال : عبدوا الله ثمانين سنة ، لم يعصوا الله - تعالى - طرفة عين : أيوب ، وزكريا ، وحزقيل بن العجوز ، ويوشع بن نون ، فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال : يا محمد ، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النَّفر ثمانين سنة ، لم يعصوا الله تعالى طرفة عين ، فقد أنزل الله عليك خيراً من ذلك ، ثم قرأ : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر } ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم{[60582]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.