تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ 55 - 57 } { وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ }

يخبر تعالى عن حالة الكفار ، وأنهم لا يزالون في شك مما جئتهم به يا محمد ، لعنادهم ، وإعراضهم ، وأنهم{[543]} لا يبرحون مستمرين على هذه الحال { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً } أي : مفاجأة { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } أي : لا خير فيه ، وهو يوم القيامة ، فإذا جاءتهم الساعة ، أو أتاهم ذلك اليوم ، علم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين ، وندموا حيث لا ينفعهم الندم ، وأبلسوا وأيسوا من كل خير ، وودوا لو آمنوا بالرسول واتخذوا معه سبيلا ، ففي هذا تحذيرهم من إقامتهم على مريتهم وفريتهم .


[543]:- في النسختين: وأنه.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

ثم بين - سبحانه - أن الكافرين سيستمرون على شكهم فى القرآن حتى تأتيهم الساعة ، وأنه - تعالى - سيحكم بين الناس يوم القيامة ، فيجازى الذين أساءوا بما عملوا . ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى . فقال - عز وجل - : { وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ . . . } .

قال الجمل : " لما ذكر - سبحانه - حال الكافرين أولا ، ثم حال المؤمنين ثانيا ، عاد إلى شرح حال الكافرين ، فهو رجوع لقوله : { وَإِنَّ الظالمين لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } والمرية بالكسر والضم . لغتان مشهورتان .

والضمير فى قوله : { مِّنْهُ } يعود إلى القرآن الكريم ، أو إلى ما جاء به الرسول من عند ربه ، وقيل إلى ما ألقاه الشيطان .

وقد رجح ابن جرير كونه للقرآن فقال : وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال : هى كناية من ذكر القرآن الذى أحكم الله آياته وذلك أن ذلك من ذكر قوله : { وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم . . } أقر منه من ذكر قوله { فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان . . } والمعنى ولا يزال الذين كفروا فى شك وريب مما أوحاه الله إليك من قرآن ، بسبب قسوة قلوبهم ، واستيلاء الجحود والعناد على نفوسهم .

وسيستمرون على هذه الحال { حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة } أى : القيامة { بَغْتَةً } أى : فجأة { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } أى : لا مثل له فى هوله وشدة عذابه ولا يوم بعده ، إذ كل يوم يلد ما بعده عن الأيام إلا هذا اليوم وهو يوم القيامة فإنه لا يوم بعده .

قال ابن كثير : " وقوله : { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } قال مجاهد : قال أبى بن كعب : هو يوم بدر .

وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير .

وفى رواية عن عكرمة ومجاهد هو يوم القيامة لا ليلة له ، وكذا قال الضحاك والحسن .

وهذا القول هو الصحيح ، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به ، لكن هذا هو المراد ، ولهذا قال : { الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } كقوله : { مالك يَوْمِ الدين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

42

ويعقب السياق على تلك الآيات وما فيها من صيانة لدعوة الله من كيد الشيطان بأن الذين يكفرون بها مدحورون ينتظرهم العذاب المهين :

( ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم . الملك يومئذ لله يحكم بينهم . فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم ، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ) .

ذلك شأن الذين كفروا مع القرآن كله ، يذكره السياق بعد بيان موقفهم مما يلقي الشيطان في أمنيات الأنبياء والرسل ، لما بين الشأنين من تشابه واتصال . فهم لا يزالون في ريبة من القرآن وشك . منشأ هذه الريبة أن قلوبهم لم تخالطها بشاشته فتدرك ما فيه من حقيقة وصدق . ويظل هذا حالهم ( حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم )بعد قيام الساعة . ووصف هذا اليوم بالعقيم وصف يلقي ظلا خاصا . فهو يوم لا يعقب . . إنه اليوم الأخير . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ ولا يزال الذين كفروا في مرية } في شك . { منه } من القرآن أو الرسول ، أو مما ألقى الشيطان في أمنيته يقولن ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها . { حتى تأتيهم الساعة } القيامة أو أشراطها أو الموت . { بغتة } فجأة . { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } يوم حرب يقتلون فيه كيوم بدر ، سمي به لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كالعقم ، أو لأن المقاتلين أبناء الحرب فإذا قتلوا صارت عقيما ، فوصف اليوم بوصفها اتساعا أو لأنه لا خير لهم فيه ، ومنه الريح العقيم لما لم تنشئ مطرا ولم لقح شجرا ، أو لأنه لا مثل له لقتال الملائكة فيه ، أو يوم القيامة على أن المراد بن { الساعة } غيره أو على وضعه ، موضع ضميرها للتهويل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

«المرية » الشك ، والضمير في قوله { منه } قالت فرقة هو عائد على القرآن ، وقالت فرقة : على محمد عليه السلام ، وقالت فرقة : على ما { ألقى الشيطان } [ الحج : 52 ] ، وقال سعيد بن جبير أيضاً على سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم ، و { الساعة } ، قالت فرقة : أراد يوم القيامة ، «واليوم العقيم » ، يوم بدر ، وقالت فرقة : { الساعة } ، موتهم أو قتلهم في الدنيا كيوم بدر ونحوه ، و «اليوم العقيم » ، يوم القيامة ،

قال أبو محمد رحمه الله :وهذان القولان جيدان لأنهما أحرزا التقسيم ب { أو } ومن جعل { الساعة } و «اليوم العقيم » ، يوم القيامة ، فقد أفسد رتبة { أو } ، وسمي يوم القيامة أو يوم الاستئصال عقيماً لأنه لا ليلة بعده ولا يوم ، والأيام كأنها نتائج لمجيء وأحد إثر واحد ، فكأن أخر يوم قد عقم وهذه استعارة ، وجملة هذه الآية توعد .