تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

{ 68 - 70 } { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا }

أقسم الله تعالى وهو أصدق القائلين - بربوبيته ، ليحشرن هؤلاء المنكرين للبعث ، هم وشياطينهم فيجمعهم لميقات يوم معلوم ، { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا } أي : جاثين على ركبهم من شدة الأهوال ، وكثرة الزلزال ، وفظاعة الأحوال ، منتظرين لحكم الكبير المتعال ، ولهذا ذكر حكمه فيهم فقال : { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

ثم عقب - سبحانه - على هذا التوبيخ والتقريع لهذا الإنسان الجاحد ، بقسم منه - سبحانه - على وقوع البعث والنشور ، فقال : { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } .

والحشر : الجمع . يقال : حشر القائد جنده ، إذا جمعهم .

والمراد بالشياطين : أولئك الأشرار الذين كانوا فى الدنيا يوسوسون لهم بإنكار البعث .

أى : أقسم لك بذاتى - أيها الرسول الكريم - أن هؤلاء المنكرين للبعث لنجمعنهم جميعاً يوم القيامة للحساب والجزاء ، ولنجمعن معهم الشياطين الذين كانوا يظلونهم فى الدنيا .

قالوا : وفائدة القسم أمران : أحدهما : أن العادة جارية بتأكيد الخبر باليمين ، والثانى : أن فى إقسام الله - تعالى - باسمه ، مضافا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - رفعا منه لشأنه ، كما رفع من شأن السموات والأرض فى قوله - تعالى - : { فَوَرَبِّ السمآء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } وقوله : { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } تصوير حسى بليغ لسوء مصيرهم ، ونكد حالهم .

و { جِثِيّاً } جمع جاث وهو الجالس على ركبتيه . يقال : جثا فلان يجثو ويجثى جثوا وجثيا فهو جاث إذا جلس على ركبتيه ، أو قام على أطراف أصابعه . والعادة عند العرب أنهم إذا كانوا فى موقف شديد ، وأمر ضنك جثوا على ركبهم .

أى : فوربك لنحضرنهم يوم القيامة للحساب ومعهم شياطينهم ، ثم لنحضرنهم جميعاً حول جهنم ، حالة كونهم باركين على الركب ، عجزاً منهم عن القيام ، بسبب ما يصيبهم من هول يوم القيام وشدته .

قال - تعالى - : { وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تدعى إلى كِتَابِهَا اليوم تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

ثم يعقب على هذا الإنكار والاستنكار بقسم تهديدي . يقسم الله تعالى بنفسه وهو أعظم قسم وأجله ؛ أنهم سيحشرون - بعد البعث فهذا أمر مفروغ منه :

( فوربك لنحشرنهم ) . . ولن يكونوا وحدهم . فلنحشرنهم( والشياطين )فهم والشياطين سواء . والشياطين هم الذين يوسوسون بالإنكار ، وبينهما صلة التابع والمتبوع ، والقائد والمقود . .

وهنا يرسم لهم صورة حسية وهم جاثون حول جهنم جثو الخزي والمهانة : ( ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ) . . وهي صورة رهيبة وهذه الجموع التي لا يحصيها العد محشورة محضرة إلى جهنم جاثية حولها ، تشهد هولها ويلفحها حرها ، وتنتظر في كل لحظة أن تؤخذ فتلقى فيها . وهم جاثون على ركبهم في ذلة وفزع . .

وهو مشهد ذليل للمتجبرين المتكبرين ،