تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِي بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّآ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ} (66)

ف { قَالَ } لهم يعقوب : { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ } أي : عهدا ثقيلا ، وتحلفون بالله { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ } أي : إلا أن يأتيكم أمر لا قبل لكم به ، ولا تقدرون دفعه ، { فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } على ما قال وأراد { قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } أي : تكفينا شهادته علينا وحفظه وكفالته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِي بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّآ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ} (66)

{ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حتى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ الله لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } .

والموثق : العهد الموثق باليمين ، وجمعه مواثيق .

أى : قال يعقوب - عليه السلام - لهم : والله لن أرسل معكم " بنيامين " إلى مصر ، حتى تحلفوا لى بالله ، بأن تقولوا : والله لنأتينك به عند عودتنا ، ولن نتخلى عن ذلك ، { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } أى : إلا أن نهلك جميعاً ، أو أن نغلب عليه بما هو فوق طاقتنا .

يقولون : أحيط بفلان إذا هلك أو قارب الهلاك ، وأصله من إحاطة العدو بالشخص ، واستعمل في الهلاك ، لأن من أحاط به العدو يهلك غالباً .

وسمى الحلف بالله - تعالى - موثقاً ، لأنه مما تؤكد به العهود وتقوى وقد أذن الله - تعالى - بذلك عند وجود ما يقتضى الحلف به - سبحانه - .

وقوله : { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } جواب لقسم محذوف والاستثناء في قوله { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } مفرغ من أعم الأحوال ، والتقدير : لن أرسله معكم حتى تحلفوا بالله وتقولوا : والله لنأتينك به معنا عند عودتنا ، في جميع الأحوال والظروف إلا في حال هلاككم أو في حال عجزكم التام عن مدافعة أمر حال بينكم وبين الإِتيان به معكم .

وقوله { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } أى : فلما أعطى الأبناء أباهم العهد الموثق باليمين بأن أقسموا له بأن يأتوا بأخيهم معهم عند عودتهم من مصر .

" قال " لهم على سبيل التأكيد والحض على وجوب الوفاء : الله - تعالى - على ما نقول أنا وأنتم وكيل ، أى : مطلع ورقيب ، وسيجازى الأوفياء خيراً ، وسيجازى الناقضين لعهودهم بما يستحقو من عقاب .

قال ابن كثير : " وإنما فعل ذلك ، لأنه لم يجد بداً من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها فبعثه معهم " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِي بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّآ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ} (66)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّىَ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مّنَ اللّهِ لَتَأْتُنّنِي بِهِ إِلاّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَىَ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } .

يقول تعالى ذكره : قال يعقوب لبنيه : لن أرسل أخاكم معكم إلى ملك مصر حتى تُوْتُون مَوْثِقا مِنَ اللّهِ يقول : حتى تُعْطون مؤثقا من الله ، بمعنى الميثاق ، وهو ما يوثق به من يمين وعهد ، لَتَأتُنّنِي بِهِ يقول لتأتنني : بأخيكم ، إلاّ أنْ يُحاطَ بِكُمْ يقول : إلا أن يحيط بجميعكم ما لا تقدرون معه على أن تأتوني به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَلَمّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قال : عهدهم .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إلاّ أنْ يُحاطَ بِكُمْ : إلا أن تهلكوا جميعا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد .

قال : وحدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : إلاّ أنْ يُحاطَ بِكُمْ قال : إلا أن تُغلَبوا حتى لا تطيقوا ذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قوله : إلاّ أنْ يُحاطَ بِكُمْ : إلا أن يصيبكم أمر يذهب بكم جميعا ، فيكون ذلك عذرا لكم عندي .

وقوله : فَلَمّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ يقول : فلما أعطوه عهودهم ، قال يعقوب : اللّهُ على ما نَقُولُ أنا وأنتم وَكِيلٌ يقول : هو شهيد علينا بالوفاء بما نقول جميعا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِي بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّآ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٞ} (66)

قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }

أراد يعقوب عليه السلام أن يتوثق منهم . و «الموثق » - مفعل - من الوثاقة . فلما عاهدوه أشهد الله بينه وبينهم بقوله : { الله على ما نقول وكيل } و «الوكيل » القيم الحافظ الضامن .

وقرأ ابن كثير «تؤتوني » بياء في الوصل والوقف ، وروي عن نافع أنه وصل بياء ووقف دونها . والباقون تركوا الياء في الوجهين .