تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

{ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ } أي : سؤال استعلام بما وقع ، لأنه تعالى عالم الغيب والشهادة والماضي والمستقبل ، ويريد أن يجازي العباد بما علمه من أحوالهم ، وقد جعل لأهل الخير والشر يوم القيامة علامات يعرفون بها ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ

}

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

ثم بين - سبحانه - ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال فقال : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } . أى : ففى هذا اليوم العصيب ، وهو يوم الحشر ، لا يسأل عن ذنبه أحد ، لا من الإنس ولا من الجن .

أى : أنهم لا يسألون عن ذنوبهم عند خروجهم من قبورهم ، وإنما يسألون عن ذلك فى موقف آخر ، وهو موقف الحساب والجزاء ، أذ فى يوم القيامة مواقف متعددة .

وبذلك يجاب عن الآيات التى تنفى السؤال يوم القيامة ، والآيات التى تثبته ، كقوله - تعالى - : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وبعضهم يرى أن السؤال المنفى فى بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام ، والسؤال المثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع . . . عن الأسباب التى جعلتهم ينحرفون عن الطريق المستقيم ، ويسيرون فى طريق الفسوق والعصيان . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ لاّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنّ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنّوَاصِي وَالأقْدَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره : فيومئذٍ لا يسأل الملائكة المجرمين عن ذنوبهم ، لأن الله قد حفظها عليهم ، ولا يسأل بعضهم عن ذنوب بعض ربهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جانّ يقول تعالى ذكره : لا يسألهم عن أعمالهم ، ولا يسأل بعضهم عن بعض وهو مثل قوله : وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ ومثل قوله لمحمد صلى الله عليه وسلم وَلا تُسْئَلُ عَنْ أصحَابِ الجَحِيمِ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جانّ قال : حفظ الله عزّ وجلّ عليهم أعمالهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جانّ قال : كان مجاهد يقول : لا يسأل الملائكة عن المجرم يعرفون بسيماهم .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَل عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جانّ قال : قد كانت مسألة ثم ختم على ألسنة القوم فتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

فيومئذ أي فيوم تنشق السماء لا يسئل عن ذنبه أنس ولا جان لأنهم يعرفون بسيماهم وذلك حين ما يخرجون من قبورهم ويحشرون إلى الموقف ذودا ذودا على اختلاف مراتبهم وأما قوله تعالى فوربك لنسألنهم ونحوه فحين يحاسبون في المجمع والهاء للإنس باعتبار اللفظ فإنه وإن تأخر لفظا تقدم رتبة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

وجملة { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه } الخ جواب شرط ( إذا ) . واقترن بالفاء لأنها صُدرت باسم زمان وهو { يومئذٍ } وذلك لا يصلح لدخول ( إذا ) عليه .

ومعنى { لا يسئل عن ذنبه } : نفي السؤال الذي يريد به السائل معرفة حصول الأمر المتردّد فيه ، وهذا مثل قوله تعالى : { ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون } [ القصص : 78 ] . وليس هو الذي في قوله تعالى : { فوربك لنسألنهم أجمعين عمّا كانوا يعملون } [ الحجر : 92 ، 93 ] وقوله : { وقفوهم إنهم مسؤولون } [ الصافات : 24 ] ، فإن ذلك للتقرير والتوبيخ فإن يوم القيامة متسع الزمان ، ففيه مواطن لا يسأل أهل الذنوب عن ذنوبهم ، وفيه مواطن يسألون فيها سؤالاً تقرير وتوبيخ .