محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ} (39)

{ فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان } أي لا يفتح له باب المعذرة ، كقوله :{[6904]} { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ففي السؤال مجاز عن نفي سماع الاعتذار . فهو من باب نفي السبب لانتفاء المسبب . وأخذ كثير السؤال على حقيقته ، وحاولوا الجمع بينه وبين ما قد ينافيه .

قال القاشانيّ : وأما الوقف والسؤال المشار إليه قوله : {[6905]} { وقفوهم إنهم مسئولون } ونظائره ، ففي مواطن أخر من اليوم الطويل الذي كان مقداره خمسين ألف سنة ، وقد يكون هذا الموطن قبل الموطن الأول في ذلك اليوم ، وقد يكون بعده .

/ وكذا قال ابن كثير : إن هذه الآية كقوله تعالى :{[6906]} { هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون } فهذا في حال . وثمّ حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم ، قال تعالى :{[6907]} { فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون } وفي الآية تأويل آخر . قال مجاهد : لا يسأل الملائكة عن المجرم ، يعرفون بسيماهم .

وقال الإمام ابن القيّم في ( طريق الهجرتين ) اختلف في هذا السؤال المنفي ، فقيل : هو وقت البعث والمصير إلى الموقف ، لا يسألون حينئذ ، ويسألون بعد إطالة الوقوف ، واستشفاعهم إلى الله أن يحاسبهم ، ويريحهم من مقامهم ذلك . وقيل المنفيّ سؤال الاستعلام والاستخبار ، لا سؤال المحاسبة والمجازاة . أي قد علم الله ذنوبهم ، فلا يسألهم عنها سؤال من يريد علمها ، وإنما يحاسبهم عليها . . انتهى .


[6904]:{77 / المرسلات / 36].
[6905]:[ 37 /الصافات / 24].
[6906]:[77 / المرسلات / 35 و 36].
[6907]:{15 / الحجر / 92/93].