تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

{ إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ } أي : فهذا الذي هو محل الخوف والوحشة بسبب ما أسدى من الظلم وما تقدم له من الجرم ، وأما المرسلون فما لهم وللوحشة والخوف ؟ ومع هذا من ظلم نفسه بمعاصي الله ، ثم تاب وأناب فبدل سيئاته حسنات ومعاصيه طاعات فإن الله غفور رحيم ، فلا ييأس أحد من رحمته ومغفرته فإنه يغفر الذنوب جميعا وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

وقوله - سبحانه - : { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سواء فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } استثناء منقطع مما قبله .

أى : إنى يا موسى لا يخاف لدى المرسلون ، لكن من ظلم وارتكب فعلاً سيئاً من عبادي ، ثم تاب إلي توبة صادقة ، بأن ترك الظلم إلى العدل والشر إلى الخير ، والمعصية إلى الطاعة ، فإنى أغفر له ما فرط منه ، لأنى أنا وحدى الواسع المغفرة والرحمة .

قال ابن كثير : هذا استثناء منقطع ، وفيه بشارة عظيمة للبشر ، وذلك أن من كان على شىء ثم أقلع عنه وتاب وأناب ، فإن الله يتوب عليه ، كما قال - تعالى - { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى } وقال - تعالى - { وَمَن يَعْمَلْ سواءا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَّحِيماً } وقيل : إن الاستثناء متصل ، فيكون المعنى : لا يخاف لدى المرسلون ، إلا من ظلم منهم بأن وقع فى الصغائر التى لا يسلم منها أحد ، ثم تاب منها وأقلع عنها ، فإنى غفور رحيم .

قال الآلوسى : " والظاهر - هنا - انقطاع الاستثناء ، والأوفق بشأن المرسلين ، أن يراد بمن ظلم : من ارتكب ذنباً كبيراً أو صغيراً من غيرهم . و { ثُمَّ } يحتمل أن تكون للتراخى الزمانى فتفيد الآية المغفرة لمن بدل على الفور من باب أولى . ويحتمل أن تكون للتراخى الرتبى ، وهو ظاهر بين الظلم والتبديل . . . " .

وعبر - سبحانه - عن ترك الظلم بالتبديل ، للإشارة إلى الإقلاع التام عن هذا الظلم ، وإلى أن هذا الظلم قد حل محله العدل والطاعة والانقياد لأمره - تعالى- .