فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

ثم استثنى استثناء منقطعاً ، فقال { إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء فَإِنّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي لكن من أذنب في ظلم نفسه بالمعصية { ثم بدل حسناً } أي توبة وندماً { بعد سوء } أي بعد عمل سوء { فإني غفور رحيم } وقيل الاستثناء من مقدّر محذوف : أي لا يخاف لديّ المرسلون ، وإنما يخاف غيرهم ممن ظلم إلاّ من ظلم ثم بدل إلخ ، كذا قال الفراء . قال النحاس : الاستثناء من محذوف محال ، لأنه استثناء من شيء لم يذكر . وروي عن الفراء أنه قال : إلاّ بمعنى الواو . وقيل إن الاستثناء متصل من المذكور لا من المحذوف . والمعنى : إلاّ من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد ، واختار هذا النحاس ، وقال : علم من عصى منهم فاستثناه فقال : { إلا من ظلم } وإن كنت قد غفرت له كآدم ، وداود وإخوة يوسف وموسى بقتله القبطيّ . ولا مانع من الخوف بعد المغفرة ، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، كان يقول : «وددت أني شجرة تعضد » .

/خ14