بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

ثم استثنى فقال : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } قال مقاتل : إلا من ظلم نفسه من المرسلين ، مثل آدم وسليمان ، وإخوة يوسف ، وداود وموسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . ويقال : إلا من ظلم يعني : لكن من ظلم { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء } أي : فعل إحساناً بعد إساءته { فَإِنّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال الكلبي : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } يعني : أشرك فهذا الذي يخاف { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً } يعني : توحيداً بعد سوء ، يعني : بعد شرك { فَإِنّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

قال أبو الليث رحمه الله : ويكون إلا على هذا التفسير ، بمعنى لكن لا وعلى وجه الاستثناء ، وذكر عن الفراء أنه قال : الاستثناء وقع في معنى مضمر من الكلام ، كأنه قال : لا يخاف لدي المرسلون ، بل غيرهم الخائف .

وقال القتبي : هذا لا يصح ، لأن الإضمار يصح إذا كان في ظاهره دليل ، ولكن معناه أن الله تعالى لما قال : { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون } ، علم أن موسى كان مستشعراً خيفة من قبل القبطي ، فقال : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء } فإنه يخاف ، ولكني أغفر له ، { فَإِنّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . ويقال { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } يعني ، ولا من ظلم ، ولا يبين ظلمه ، { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء } فإنه لا يخاف أيضاً