فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

ثم استثنى استثناء منقطعا فقال :{ إلا من ظلم } أي لكن من أذنب في ظلم نفسه بالمعصية { ثم بدل حسنا } أي : توبة وندما أتاه { بعد سوء } أي بعد عمل سوء { فإني غفور رحيم } أقبل التوبة وأغفر له ؛ وقيل : الاستثناء من مقدر ، أي لا يخاف لدي المرسلون ، وإنما يخاف غيرهم ممن ظلم " إلا من ظلم الخ " ، كذا قال الفراء . وقال النحاس : الاستثناء من محذوف محال ؛ لأنه استثناء من شيء لم يذكر . وعن الفراء أن ( إلا ) بمعنى الواو .

وقيل : إن الاستثناء متصل من المذكور لا من المحذوف ، والمعنى إلا من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد ، واختار هذا النحاس ، وقال : علم من عصاه منهم فاستثناه فقال إلا من ظلم ، وإن كنت قد غفرت له كآدم ، و داوود ، وإخوة يوسف ، وموسى لقتله القبطي . ولا مانع من الخوف بعد المغفرة فإن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يقول : وددت أني شجرة تعضد .