قوله : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ } فيه وجهان :
أحدهما : أنَّه استثناء منقطع ، لأنَّ المرسلين{[38359]} معصومون من المعاصي ، وهذا هو الظاهر{[38360]} الصحيح ، والمعنى : لكن من ظلم من سائر الناس ، فإنه يخاف فإنه تاب وبدل حسناً بعد سوء فإنِّي غفورٌ رحيمٌ .
والثاني : أنَّه متصلٌ{[38361]} ، وللمفسرين فيه عبارات ، قال الحسن : إنَّ موسى ظلم بقتل القبطي ، ثم تاب فقال : { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغفر لِي } [ القصص : 22 ] .
وقال ابن جريح : قال الله لموسى{[38362]} : أخفتك لقتلك{[38363]} النفس ، وقال : معنى الآية : لا يخيف الله الأنبياء إلاّ بذنب يصيبه أحدهم ، فإن أصابه أخافه حتى يتوب{[38364]} .
وقيل : محمول على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل{[38365]} . وقال بعض النحويين : «إلا » هاهنا بمعنى ولا ، يعني : لا يخاف لديّ المرسلون ولا المذنبون التائبون ، كقوله تعالى : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ } [ البقرة : 150 ] . يعني ولا الذين ظلموا{[38366]} . وعن الفراء أنه متصل ، لكن من جملة محذوفة تقديره : وإنما يخاف غيرهم إلاَّ من ظلم{[38367]} .
وردَّه النحاس : بأنه لو جاز هذا لجاز : لا أضربُ القوم إلاَّ زيداً أي : وإنما أضرب غيرهم إلا زيداً ، وهذا ضد البيان و{[38368]} المجيء بما لا يعرف معناه{[38369]} .
وقدره الزمخشري ب «لكن »{[38370]} ، وهي علامة على أنه منقطع - وذكر كلاماً طويلاً - فعلى الانقطاع يكون منصوباً فقط على لغة الحجاز ، وعلى لغة تميم يجوز فيه النصب والرفع على البدل من الفاعل قبله ، وأما على الاتصال : فيجوز فيه الوجهان على اللغتين ، ويكون الاختيار البدل ، لأن الكلام غير موجب .
وقرأ أبو جعفر وزيد بن أسلم «أَلاَ » بفتح الهمزة وتخفيف اللام{[38371]} - جعلاها حرف تنبيه - و «مَنْ » شرطية ، وجوابها : «فَإِنِّي غَفُورٌ »{[38372]} والعامة على تنوين «حُسْناً » ، ومحمد بن عيسى الأصبهاني{[38373]} غير منوّن{[38374]} ، جعله فعلى مصدراً كرجعى ، فمنعها الصَّرف لألف التأنيث ، وابن مقسم بضم الحاء والسين منوناً{[38375]} ، ومجاهد وأبو حيوة ورويت عن أبي عمرو بفتحهما{[38376]} ، وتقدم تحقيق القراءتين في البقرة{[38377]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.