غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

1

ثم استثنى من ظلم منهم بترك ما هو أولى به ، وقد مر بحث عصمة الأنبياء في أول " البقرة " . وفي الآية لطائف وإشارات منها : أنه أشار بقوله { أني لا يخاف لديّ المرسلون } إلى أن موسى قد جعل رسولاً . ومنها أنه أشار بقوله { إلا من ظلم } إلى ما وجد من موسى في حق القبطي ، وبقوله { ثم بدل حسناً بعد سوء } أي توبة بعد ذنب إلى قول موسى { رب إن ظلمت نفسي فاغفر لي } [ القصص : 16 ] وقرئ " ألا " بحرف التنبيه . ومنها أنه أشار بقوله { ثم بدل } معطوفاً على { ظلم } إلى أن النبي المرسل بدّل النية ولم يصر على فعله وإلا كان هذا العطف مقطوعاً عن الكلام ضائعاً ، فإنه إذا ظلم ولم يبدل كان خائفاً أيضاً . ومنها أنه أشار بقوله { فإني غفور رحيم } إلى أن الخوف وإن لحق المستثنى إلا أنه منفي عنه أيضاً بسبب غفرانه ورحمته ، فنفي الخوف ثابت على كل حال فهذا الاستثناء قريب من تأكيد المدح بما يشبه الذم كقوله :

هو البدر إلا أنه البحر زاخر ***

وكقوله :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب

وهذه اللطائف مما سمح بها الخاطر أوان الكتابة أرجو أن تكون صواباً إن شاء العزيز .

/خ14