الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوٓءٖ فَإِنِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (11)

قوله : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أنه استثناءٌ منقطعٌ ؛ لأنَّ المرسلين مَعْصُومون من المعاصي . وهذا هو الظاهرُ الصحيحُ . والثاني : أنه متصلٌ . وِلأهلِ التفسيرِ فيه عباراتٌ ليس هذا موضعَها . وعن الفراء : أنَّه متصلٌ . لكن من جملةٍ محذوفةٍ ، تقديرُه : وإنما يَخاف غيرُهم إلاَّ مَنْ ظَلَمَ . وردَّه النحاس : بأنه لو جاز هذا لجازَ " لا أضرب القوم إلاَّ زيداً " أي : وإنما أَضْرِبُ غيرَهم إلاَّ زيداً ، وهذا ضدُّ البيانِ والمجيءُ بما لا يُعْرَفُ معناه .

وقَدَّره الزمخشري ب " لكن " . وهي علامةٌ على أنه منقطعٌ ، وذكر كلاماً طويلاً . فعلى الانقطاعِ يكونُ منصوباً فقط على لغةِ الحجاز . وعلى لغةِ تميمٍ يجوزُ فيه النَصبُ والرفعُ على البدلِ من الفاعلِ قبلَه . وأمَّا على الاتصالِ فيجوزُ فيه الوجهان على اللغتين ، ويكون الاختيارُ البدلَ ؛ لأنَّ الكلامَ غيرُ موجَبٍ .

وقرأ أبو جعفر وزيد بن أسلم " ألا " بفتح الهمزة وتخفيفِ اللامِ جعلاها حرفَ تنبيهٍ . و " مَنْ " شرطيةٌ ، وجوابُها { فَإِنِّي غَفُورٌ } .

والعامَّةٌ على تنوينِ " حُسْناً " . ومحمد بن عيسى الأصبهاني غيرَ منوَّن ، جعله فُعْلى مصدراً كرُجْعَى فمنعَها الصرفَ لألفِ التأنيثِ . وابنُ مقسم بضم الحاء والسين منوناً . ومجاهد وأبو حيوة ورُوِيَتْ عن أبي عمروٍ بفَتْحِهما . وقد تقدَّم تحقيقُ القراءتين في البقرة .