بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ ٱخۡسَـُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (108)

{ قَالَ } ، أي فحينئذٍ يقول الله تعالى : { اخسئوا فِيهَا } ، يعني : اصغروا فيها واسكتوا ، أي كونوا صاغرين .

{ وَلاَ تُكَلّمُونِ } ، أي ولا تكلمون بعد ذلك .

قال أبو الليث رحمه الله : حدثنا محمد بن الفضل قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف قال : حدثنا أبو حفص ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي أيوب الأزدي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن أهل النار يدعون مالكاً ، فلا يجيبهم أربعين عاماً ، ثم يرد عليهم : إنكم ماكثون . ثم يدعون ربهم : ربنا أخرجنا منها ، فإن عدنا فإنا ظالمون . فلا يجيبهم مقدار ما كانت الدنيا مرتين ، ثم يجيبهم : { اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } ، فوالله ما نبت بعد هذا بكلمة إلا الزفير والشهيق .

وروي عن ابن عباس أنه قال : لما قال الله تعالى : { اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } ، فإنما بقت أفواههم وانكسرت ألسنتهم ، فمن الأجواف يعوون عواء الكلب ؛ ويقال : { اخسئوا } أي تباعدوا تباعد سخط . يقال : خسأت الكلب ، إذا زجرته ليتباعد .