السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ٱخۡسَـُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (108)

ثم استأنف جوابهم بأن : { قال } لهم بلسان ملك بعد قدر الدنيا مرتين كما يقال للكلب { اخسؤوا } أي : انزجروا زجر الكلاب وانطردوا عن مخاطبتي ساكتين سكوت هوان { فيها } أي : النار { ولا تكلمون } أصلاً ، فإنكم لستم بأهل لمخاطبتي لأنكم لن تزالوا متصفين بالظلم فييأس القوم بعد ذلك ، ولا يتكلموا بكلمة إلا الزفير والشهيق والعواء كعواء الكلاب ، وقال القرطبي : إذا قيل لهم ذلك انقطع رجاؤهم ، وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض فانطبقت عليهم ، وعن ابن عباس أنّ لهم ست دعوات إذا دخلوا النار قالوا ألف سنة : ربنا أبصرنا وسمعنا ، فيجابون : حق القول مني ، فينادون ألفاً : ربنا أمتنا اثنتين ، فيجابون : ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ، فينادون ألفاً : يا مالك ليقض علينا ربك ، فيجابون : إنكم ماكثون ، فينادون ألفاً : ربنا أخرجنا منها ، فيجابون : أولم تكونوا أقسمتم ، فينادون ألفاً : أخرجنا نعمل صالحاً ، فيجابون : أولم نعمركم ، فينادون ألفاً : رب ارجعون ، فيجابون : اخسؤوا فيها ولا تكلمون ، ثم لا يكون لهم إلا الزفير والشهيق والعواء ،