بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ} (28)

{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ آل فِرْعَوْنَ } وهو حزبيل بن ميخائيل ، هو ابن عم قارون ، وكان أبوه من آل فرعون ، وأمه من بني إسرائيل . ويقال : كان ابن فرعون { يَكْتُمُ إيمانه } ، وكان قد أسلم سراً من فرعون .

قوله : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ الله وَقَدْ جَاءكُمْ بالبينات مِن رَّبّكُمْ } يعني : اليد ، والعصا . وروى الأوزاعي عن يحيى بن كثير ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عروة بن الزبير قال : قلت لعبد الله بن عمرو : حدثني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «أقبل عقبة بن أبي معيط ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة ، فلوى ثوبه على عنقه ، وخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر ، فأخذ بمنكبيه ، ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال أبو بكر : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّي الله وَقَدْ جَاءكُمْ بالبينات مِن رَّبّكُمْ } { وَإِن يَكُ كاذبا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } يعني : فعليه وبال كذبه ، فلا ينبغي أن تقتلوه بغير حجة ، ولا برهان . { وَإِن يَكُ صادقا } في قوله ، وكذبتموه ، { يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذي يَعِدُكُمْ } من العذاب . يعني : بعض ذلك العذاب يصبكم في الدنيا . ويقال : بعض الذي يعدكم فيه . أي : جميع الذي يعدكم ، كقوله : { وَلَمَّا جَاءَ عيسى بالبينات قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بالحكمة وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الذي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ } [ الزخرف : 63 ] أي : جميع الذي تختلفون فيه ، { إِنَّ الله لاَ يَهْدِي } يعني : لا يرشد ، ولا يوفق إلى دينه ، { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في قوله : { كَذَّابٌ } يعني : الذي عادته الكذب .