فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ سَبۡعٞ شِدَادٞ يَأۡكُلۡنَ مَا قَدَّمۡتُمۡ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تُحۡصِنُونَ} (48)

{ ثم يأتي من بعد ذلك } السبع السنين المخصبة { سبع شداد } أي سبع سنين مجدبة ممحلة شديدة يصعب أمرها على الناس وهي تأويل السبع العجاف والسبع اليابسات .

{ يأكلن ما قدمتم لهن } من تلك الحبوب المتروكة في سنابلها في السنين المخصبات وإسناد الأكل إلى السنين مجازي تطبيقا بين المعبر والمعبر به كما في نهاره صائم .

وفيه تلويح بأنه تأويل الأكل العجاف السمان واللام في لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر في السنابل من الحبوب شيء قد هيء وقدم لهن كالذي يقدم للنازل وإلا فهو في الحقيقة مقدم للناس فيهن والمعنى يأكل الناس فيهن أو يأكل أهلهن ما قدمتم أي ما ادخرتم لهن { إلا قليلا مما تحصنون } أي مما تحبسون من الحب لتزرعوا به لأن في استيفاء البذر تحصين الأقوات .

وقال أبو عبيدة : معناه تحرزون وقيل تدخرون وقيل تخزنون والمعنى واحد والأحصان الإحراز وهو إبقاء الشيء في الحصن بحيث يحفظ ولا يضيع ، أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد عجبت من يوسف عليه السلام وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط عليهم أن يخرجوني ولقد عجبت من يوسف عليه السلام وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ولكنه أراد أن يكون له العذر ) {[969]}


[969]:وهو حديث مرسل وقد أورده ابن كثير في تفسيره 2/481.