فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَامٞ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعۡصِرُونَ} (49)

{ ثم يأتي من بعد ذلك } السنين المجدبات { عام } سنة وهذه بشارة منه لهم زائدة على تعبير الرؤيا ولعله علم ذلك بالوحي أو بأن انتهاء الجدب بالخصب على العادة الإلهية حيث يوسع على عباده بعد تضييقه عليهم { فيه يغاث الناس } من الإغاثة أو الغوث وهو الفرج وزوال الهم والكرب والغيث المطر وقد غاث الغيث الأرض أي أصابها وغاث الله البلاد يغيثها غوثا أمطرها فمعنى يغاث الناس يمطرون .

{ وفيه يعصرون } الأشياء التي تعصر كالعنب والسمسم والزيتون ، وقيل أراد حلب الألبان وقيل معناه ينجون مأخوذ من العصرة وهي المنجاة ، قال أبو عبيدة : والعصر بالتحريك الملجأ والمنجى واعتصرت بفلان التجأت به وقرئ بتاء الخطاب ويعصرون بضم الياء وفتح الصاد ومعناه يمطرون ومنه قوله تعالى { وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا } قال ابن عباس : يصيبهم فيه غيث يعصرون فيه العنب والزبيب ومن كل الثمرات ويحتلبون وعنه قال : أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه كان الله قد علمه إياه وفيه يعصرون السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا والمراد كثرة الخير والنعم على الناس وكثرة الخصب في الزرع والثمار .