فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (53)

ثم تواضع لله تعالى وتبارك فقال : { وما أبرئ نفسي } وهذا إن كان من كلام يوسف عليه السلام فهو من باب الهضم للنفس وعدم التزكية لها ومع أنه قد علم هو وغيره من الناس أنه بريء وظهر ذلك ظهور الشمس وأقرت به المرأة التي ادعت عليه الباطل ، ونزهته النسوة اللاتي قطعن أيديهن وإن كان من كلام امرأة العزيز فهو واقع على الحقيقة لأنها قد أقرت بالذنب واعترفت بالمراودة وبالافتراء على يوسف عليه السلام .

وقد قيل إن هذا من قول العزيز وهو بعيد جدا ، ومعناه وما أبرئ نفسي من سوء الظن بيوسف عليه السلام والمساعدة على حبسه بعد أن علمت براءته .

{ إن النفس لأمارة بالسوء } أي إن هذا الجنس من الأنفس البشرية شأنه الأمر بالسوء لميله إلى الشهوات وتأثيرها بالطبع وصعوبة قهرها وكفها عن ذلك { إلا ما رحم ربي } أي إلا من رحم من النفوس فعصمها عن أن تكون أمارة بالسوء أو إلا وقت رحمة ربي وعصمته لها .

وقيل الاستثناء منقطع لكن رحمة ربي هي التي تكفها عن أن تكون أمارة بالسوء { إن ربي غفور رحيم } تعليل لما قبلها . أي إن من شأنه كثرة المغفرة لعباده والرحمة لهم .