فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ} (52)

فأخبر الرسول يوسف عليه السلام بجواب النسوة المذكورة فقال { ذلك } أي الحادثة الواقعة منه وهي تثبته وتأنيه ذهب أكثر المفسرين إلى أن هذا الكلام من كلام يوسف عليه السلام .

قال الفراء : ولا يبعد وصل كلام إنسان بكلام إنسان آخر إذا دلت القرينة الصارفة لكل منهما إلى ما يليق به . وهذه هي المرة الثالثة من مرات مجيء الرسول ليوسف عليه السلام في السجن ، والمعنى فعلت ذلك { ليعلم } العزيز { أني لم أخنه } في أهله { بالغيب } والمعنى بظهر الغيب ، أي وهو غائب عنه . قال الزمخشري : أي مكان الغيب وهو الخفاء والاستتار وراء الأبواب السبعة المغلقة .

قيل إنه قال ذلك وهو في السجن بعد أن أخبره الرسول بما قالته النسوة وما قالته امرأة العزيز وقيل أنه قال ذلك وقد صار عند الملك والأول أولى . وذهب الأقلون من المفسرين إلى أن هذا كلام امرأة العزيز والمعنى ذلك القول الذي قتله في تنزيهه والإقرار على نفسي بالمراودة ليعلم يوسف عليه السلام أني لم أخنه فأنسب إليه ما لم يكن منه وهو غائب عني أو أنا غائبة عنه .

{ وإن الله لا يهدي كيد الخائنين } أي لا يثبته ولا ينفذه ولا يمضيه ولا يسدده ، أو لا يهديهم في كيدهم حتى يوقعوه على وجه يكون له ما يثبت به ويدوم وإذا كان من قول يوسف عليه السلام ففيه تعريض بامرأة العزيز حيث وقع منه الكيد له والخيانة لزوجها ، وتعريض بالعزيز حيث ساعدها على حبسه بعد أن علم براءته ونزاهته لعل المراد منه أني لو كنت خائنا لما خلصني الله من هذه الورطة وحيث خلصني منها ظهر أني كنت بريئا مما نسبوني إليه