فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمٖۖ وَمَا نَحۡنُ بِتَأۡوِيلِ ٱلۡأَحۡلَٰمِ بِعَٰلِمِينَ} (44)

{ قالوا } هذه { أضغاث أحلام } أي تخالطيها وهي جمع ضغث وهو في الأصل كل مختلط من أخلاط من بقل أو حشيش أو غيرهما فاستعير للرؤيا الكاذبة ، والأحلام جمع حلم وهي الرؤيا الكاذبة التي لا حقيقة لها كما يكون من حديث النفس ووسواس الشيطان ، والإضافة بمعنى من أي هي أضغاث من أحلام أخرجوها من جنس الرؤيا التي لها عاقبة تؤول إليها ويعتني بأمرها وجمعوها وهي رؤيا واحدة مبالغة في وصفها بالبطلان كما في قولهم فلان يركب الخيل ويلبس العمائم لمن لا يملك إلا فرسا واحدا وعمامة فردة أو لتضمنها أشياء مختلفة من البقرات السبع السمان والسبع العجاف . والسنابل السبع الخضر والأخر اليابسات .

فتأمل حسن موقع الأضغات مع السنابل فلله در شأن التنزيل ويجوز أن يكون رأي هذه الرؤيا غيرها مما لم يقصه الله علينا . قال ابن عباس : أضغات أحلام يقول مشتبهة وعنه قال الكاذبة وعن الضحاك مثله .

{ وما نحن بتأويل الأحلام } المختلطة { بعالمين } يريدون بالأحلام المنامات الباطلة خاصة ، أي ليس لها تأويل عندنا وإنما التأويل للمنامات الصادقة كأنه مقدمة ثانية للعذر لجهلهم بتأويله نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له لا مطلق العلم بالتأويل .

وقيل إنهم نفوا عن أنفسهم علم التأويل مطلقا ولم يدعوا أنه لا تعبير لهذه الرؤيا وقيل إنهم قصدوا محوها من صدر الملك حتى لا يشتغل بها ولم يكن ما ذكروه من نفي العلم حقيقة .