{ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ( 80 ) }
{ وَاللّهُ جَعَلَ } ، أي : صير أو خلق ، { لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ } ، التي هي من الحجر والمدر وغيرهما ، و " من " : ابتدائية ، { سَكَنًا } ، مصدر يوصف به الواحد والجمع ، وإليه ذهب ابن عطية ، ومنعه الشيخ ، ولم يذكر وجه المنع ، وهو بمعنى مسكون ، أي : تسكنون فيها ، وتهدأ جوارحكم من الحركة . وهذا من جملة تعديد الله نعمه على الإنسان ، فإن الله سبحانه لو شاء لخلق العبد مضطربا دائما كالأفلاك ، ولو شاء لخلقه ساكنا أبدا كالأرض .
{ وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا } ، لما ذكر سبحانه بيوت المدن ، وهي التي للإقامة الطويلة ، عقبها بذكر بيوت البادية والرحلة ، وهي الأنطاع والأدم ، جعلها بيوتا كالخيام والقباب والأخبية والفساطين ، قال مجاهد : وهي خيام العرب . وقيل : ذلك في بعض الناس ، كالسودان ، فإنهم يتخذون خيامهم من الجلود ، ويجوز أن يتناول المتخذة من الصوف والوبر والشعر ، فإنها من حيث إنها نابتة على جلودها يصدق عليها أنها من جلودها .
{ تَسْتَخِفُّونَهَا } ، أي : يخف عليكم حملها في الأسفار وغيرها ؛ ولهذا قال : { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } ، أي : في يوم سيركم ورحيلكم في أسفاركم ، والظعن : بفتح العين وسكونها ، وهما لغتان قرئ بهما ، كالنهر والنهر ، وهو سير أهل البادية للانتجاع والتحول من موضع إلى موضع . والظعن : الهودج أيضا ، قال ابن عباس : بعض بيوت السيارة بنيانه في ساعة .
{ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ } ، أي : حضركم ، والمعنى : لا يثقل عليكم حملها في الحالين . { وَ } جعل لكم { مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا } ، والأنعام تعم الإبل والبقر والغنم ، كما تقدم ، والأصواف للغنم ، والأوبار للإبل ، والأشعار للمعز ، وهي من جملة الغنم ، فيكون ذكر هذه الثلاثة على وجه التنويع ، كل واحد مهما لواحد من الثلاثة ، أعني : الإبل ونوعي الغنم ، ولم يذكر القطن والكتان ؛ لأنهما لا يكونان ببلاد العرب .
{ أَثَاثًا } : هو متاع البيت ، وأصله الكثرة والاجتماع ، ومنه شعر أثيث ، أي : كثير مجتمع ، يقال : أث ، أي : كثر وتكاثف ، وقيل للمال أثاث : إذا كثر ، قال الخليل : أثاثا ، أي : منضما بعضها إلى بعض ، من أث : إذا كثر . قال الفراء : لا واحد له . { وَمَتَاعًا } : هو ما يتمتع به بأنواع التمتع ، قال الخليل : الأثاث والمتاع واحد ، وجمع بينهما لاختلاف لفظيهما . وعلى قول أبي زيد الأنصاري أن الأثاث المال أجمع ، الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع يكون عطف المتاع على الأثاث ، من عطف الخاص على العام .
وقيل : إن الأثاث ما يكتسي به الإنسان ويستعمله من الغطاء والوطاء ، والمتاع : ما يفرش في المنازل من الفرش والأكسية ويتزين به ، ومعنى : { إِلَى حِينٍ } : إلى أن تقضوا أوطاركم منه ، أو إلى أن يبلى ويفنى ، أو إلى الموت ، أو إلى القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.