فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ شُرَكَآءَهُمۡ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدۡعُواْ مِن دُونِكَۖ فَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلَ إِنَّكُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (86)

{ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ( 86 ) }

{ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } ، يوم القيامة ، { شُرَكَاءهُمْ } ، مفعول به ، والإضافة لأدنى ملابسة باعتبار ادعاء شركتها لله ، أي : أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها في الدنيا ، لما تقرر من أنهم يبعثون مع المشركين ، يقال لهم : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وآله وسلم .

{ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ } ، أي : نعبدهم ونتخذهم آلهة { مِن دُونِكَ } ونطيعهم ، ولعلهم قالوا ذلك طمعا في توزيع العذاب بينهم ، قال أبو مسلم الأصفهاني : مقصود المشركين بهذا القول : حالة الذنب على تلك الأصنام ، تعللا بذلك واسترواحا مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة . ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه .

{ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ } ، أي : ألقى أولئك الشركاء من الأصنام والأوثان والشياطين ونحوهم إلى المشركين والكفار { الْقَوْلَ } ، وعن مجاهد قال : حدثوهم وقالوا لهم : { إِنَّكُمْ } أيها المشركون { لَكَاذِبُونَ } فيما تزعمون من إحالة الذنب علينا الذي هو مقصودكم من هذا القول ، أو في تسميتها آلهة ، وما دعوناكم إلى عبادتنا ، بل عبدتم أهواءكم .

فإن قيل إن المشركين أشاروا إلى الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا وقد كانوا صادقين في ذلك ، فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها . فالجواب بأن مرادهم من قولهم هؤلاء شركاء الله في المعبودية ، فكذبتهم الأصنام في دعوى هذه الشركة ، والأصنام والأوثان وإن كانت لا تقدر على النطق فإن الله سبحانه ينطقها في تلك الحال لتخجيل المشركين وتوبيخهم . وهذا كما قالت الملائكة : " بل كانوا يعبدون الجن " ، هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لهم . قال الكرخي : إن المثبت لهم هنا النطق بتكذيب المشركين في دعوى عبادتهم لها ، والمنفي عنهم في الكهف النطق بالإجابة إلى الشفاعة لهم ودفع العذاب عنهم ، فلا تنافي .