فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُمۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (54)

{ قال لقد كنتم انتم وآباؤكم في ضلال مبين } أي في خسران واضح ظاهر لا يخفى على أحد ، ولا يلتبس على ذي عقل ، فإن قوم إبراهيم عبدوا الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تبصر ، وليس بعد هذا الضلال ضلال ، ولا يساوي هذا الخسران خسران ، قال النسفي : أراد أن المقلدين والمقلدين منخرطون في سلك ضلال ظاهر وأكد ب { أنتم } ليصح العطف لأن العطف على ضمير هو في حكم بعض الفعل ممتنع . انتهى .

أقول : وهؤلاء المقلدة هم من أهل الإسلام استبدلوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه سلم كتبا قد دونت فيها اجتهادات عالم من علماء الإسلام زعم أنه لم يقف على دليل يخالفها إما لقصور منه أو لتقصير في البحث فوجد ذلك الدليل من وجده وأبرزه واضح المنار كأنه علم في رأسه نار ، وقال هذا كتاب الله أو هذه سنة رسوله وأنشدهم :

دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر

فقالوا كما قال الأول :

وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد

وقد أحسن من قال :

يأبى الفتى إلا إتباع الهوى ومنهج الحق له واضح

قال البيضاوي : والتقليد إن جاز فإنما يجوز لمن علم في الجملة أنه على الحق ثم لما سمع أولئك مقالة الخليل .