فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (36)

{ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ( 36 ) خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ( 37 ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( 38 ) لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ( 39 ) بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ( 40 ) ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ( 41 ) } .

{ وإذا رآك الذين كفروا } يعني المستهزئين من المشركين { إن يتخذونك إلا هزوا } أي ما يتخذونك إلا مهزوءا بك ، والهزء السخرية وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : { إنا كفيناك المستهزئين } والمعنى ما يفعلون بك إلا اتخاذك هزوا { أهذا الذي يذكر آلهتكم ؟ } أي يقولون أهذا الذي ؟ فعلى هذا يكون هو جوابا ويكون قوله : إن يتخذونك اعتراضا بين الشرط والجزاء ، ومعنى يذكر يعيب ، قال الزجاج : يقال فلان يذكر الناس أي يغتابهم ويذكرهم بالعيوب وفلان يذكر الله يصفه بالتعظيم ويثني عليه ، وإنما يحذف مع الذكر ما عقل معناه ، وعلى ما قالوا لا يكون الذكر في كلام العرب العيب ، وحيث يراد به العيب يحذف منه السوء ، وقيل يطلق على المدح والذم مع القرينة .

{ وهم بذكر الرحمن هم كافرون } أي بالقرآن ، أو هم بذكر الرحمن الذي خلقهم كافرون ؛ إذ قالوا ما نعرفه ، والمعنى أنهم يعيبون على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء ، والحال أنهم بذكر الله سبحانه بما يليق به من التوحيد ، أو بالقرآن كافرون ، فهم أحق بالعيب لهم والإنكار عليهم .