فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَۚ فَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۖ وَمِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ مَن يُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلۡكَٰفِرُونَ} (47)

{ وكذلك أنزلنا } هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والإشارة إلى مصدر الفعل كما بيناه في مواضع كثيرة أي ومثل ذلك الإنزال البديع أنزلنا { إليك الكتاب } وهو القرآن ، وقيل : المعنى كما أنزلنا الكتاب عليهم أنزلنا عليك القرآن .

{ فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به } يعني مؤمني أهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وغيره ، وخصهم بإيتائهم الكتاب لكونهم العاملين به ، وكأن غيرهم لم يؤتوه لعدم عملهم بما فيه ، وجحدهم لصفات رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكورة فيه ، وكان إسلامهم بالمدينة والسورة مكيّة ، فهذا من قبيل الإخبار بالغيب أخبره تعالى بحالهم قبل وقوعه .

{ ومن هؤلاء } إشارة إلى أهل مكة ، والمراد أن منهم وهو من قد أسلم { من يؤمن به } أي بالقرآن ، وقيل : إشارة إلى جميع العرب { وما يجحد بآياتنا } أي القرآن ، والجحود إنما يكون بعد المعرفة ، وعبر الكتاب بالآيات للتنبيه على ظهور دلالتها على معانيها ، وعلى كونها من عند الله تعالى وأضيفت إلى نون العظمة لمزيد تفخيمها ، وغاية التشنيع على من يجحد بها .

{ إلا الكافرون } المصممون على كفرهم المتوغلون فيه من المشركون ، ومن أهل الكتاب ككعب بن الأشرف وأضرابه فإن ذلك يصدهم عن التأمل فيما يؤديهم إلى معرفة حقيقتها .