فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَرَادُواْ بِهِۦ كَيۡدٗا فَجَعَلۡنَٰهُمُ ٱلۡأَسۡفَلِينَ} (98)

ثم لما ألقوه فيها نجاه الله منها وجعلها عليه بردا وسلاما وهو معنى قوله : { فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا } مكرا وحيلة أي احتالوا لإهلاكه .

{ فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ } أي المقهورين المغلوبين بإبطال كيدهم وجعله برهانا نيرا على علو شأنه ، لأنها قامت له بذلك عليهم الحجة التي لا يقدرون على دفعها ولا يمكنهم جحدها ، فإن النار الشديدة الاتقاد ، العظيمة الاضطرام ، المتراكمة الجمار ، إذا صارت بعد إلقائه فيها بردا وسلاما ولم تؤثر فيه أقل تأثير كان ذلك من الحجة بمكان يفهمه كل من له عقل . وصار المنكر له سافلا ساقط الحجة ، ظاهر التعصب ، واضح التعسف ، وسبحان من يجعل المحن لمن يدعو إلى دينه منحا ، ويسوق إليهم الخير بما هو من صور الضير .