{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } لما تمم سبحانه قصة داود أردفها ببيان تفويض أمر خلافة الأرض إليه ، والجملة مقولة لقول مقدر معطوف على غفرنا أي وقلنا له : يا داود إنا استخلفناك على الأرض ، أو جعلناك خليفة لمن قبلك من الأنبياء لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدبر أمر الناس ، وفيه دليل على أن حاله بعد التوبة بقيت على ما كانت عليه لم تتغير قط .
{ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ } أي بالعدل الذي هو حكم الله بين عباده لأن الأحكام إذا كانت مطابقة للشريعة الحقة الإلهية انتظمت مصالح العالم واتسعت أبواب الخيرات ، وإذا كانت الأحكام على وفق الأهوية وتحصيل مقاصد الأنفس أفضى إلى تخريب العالم ووقوع الهرج فيه ؛ والمرج في الخلق وذلك يفضي إلى هلاك ذلك الحاكم .
{ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى } أي هوى النفس في الحكم بين العباد وفيه تنبيه لداود عليه السلام أن الذي عوتب عليه ليس بعدل ، وأن فيه شائبة من أتباع هوى النفس .
{ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } بالنصب على أنه جواب النهي ، والفاعل هو الهوى ، ويجوز أن يكون الفعل مجزوما بالعطف على النهي ، وإنما حرك لالتقاء الساكنين ، فعلى الوجه الأول يكون المنهي عنه الجمع بينهما وعلى الثاني يكون النهي عن كل واحد منهما على حدة ، وسبيل الله هو طريق الجنة أو دلائله التي نصبها على الحق تشريعا وتكوينا .
{ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } تعليل للنهي عن إتباع الهوى ، والوقوع في الضلال { بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } الباء للسببية ، ومعنى النسيان الترك ، قال الزجاج : أي بتركهم العمل لذلك اليوم صاروا بمنزلة الناسين ، وإن كانوا ينظرون ويذكرون ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا .
وقال عكرمة والسدي : في الآية تقديم وتأخير ، والتقدير ، ولهم عذاب يوم الحساب بما نسوا أي تركوا القضاء بالعدل والأول أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.