فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

ثم لما أخبراه عن الخصومة إجمالا شرعا في تفصيلها وشرحها فقال : { إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } .

المراد بالأخوة هنا أخوة الدين ، قاله ابن مسعود ، أو الصحبة أو الألفة أو أخوة الشركة والخلطة ، والنعجة هي الأنثى من الضأن ، وقد يقال لبقر الوحش : نعجة ويعبر بها عن المرأة لما هي عليه من السكون والعجز وضعف الجانب وقد يكنّى عنها بالبقرة والحجر والناقة لأن الكل مركوب قال الواحدي النعجة البقرة الوحشية والعرب تكني المرأة بها وتشبه النساء بالنعاج من البقر ، قرأ الجمهور تسع وتسعون بكسر التاء ، وقرئ بفتحها ، قال النحاس وهي لغة شاذة ، وإنما عني بهذا داود لأنه كان له تسع وتسعون امرأة وعنى بقوله :

{ وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ } أوريا زوج المرأة التي أراد أن يتزوجها داود كما تقدم بيان ذلك { فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } أي ضمها إلىّ وأنزل لي عنها حتى أكفلها وأصير بعلا لها قال ابن كيسان اجعلها كفلي ونصيبي قال ابن مسعود ما زاد داود على أن قال اكفلنيها وعن ابن عباس قال ما زاد داود على أن قال تحول لي عنها وهذا يخالف ما سبق عنه .

{ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } أي غلبني يقال عزه يعزه عزا إذا غلبه ، وفي المثل من عزّ بزّ أي من غلب أخذ السلب ، والاسم العزة ، وهي القوة قال عطاء المعنى إن تكلم كان أفصح مني ، وإن حارب كان أبطش مني لقوة ملكه فالغلبة كانت له عليّ لضعفي في يده ، وإن كان الحق معي ، وهذا كله تمثيل ، وقرئ وعازني أي غالبني من المعازة وهي المغالبة .