فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَوَٰعَدۡنَا مُوسَىٰ ثَلَٰثِينَ لَيۡلَةٗ وَأَتۡمَمۡنَٰهَا بِعَشۡرٖ فَتَمَّ مِيقَٰتُ رَبِّهِۦٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي وَأَصۡلِحۡ وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (142)

{ وواعدنا موسى ثلاثين ليلة } نكلمه عند انتهائها بأن يصومها وهي ذوي القعدة لإعطاء التوراة { وأتممناها } أي المواعدة المفهومة من واعدنا أو ثلاثين ليلة قاله الحوفي والأول أولى { بعشر } ليال من ذي الحجة للتقرب قاله ابن عباس ومجاهد ، وفي مصحف أبَيّ وتممناها بالتضعيف وحذف تمييز بعشر لدلالة الكلام عليه .

{ فتمّ ميقات ربّه } الميقات هو الوقت الذي قدر أن يعمل فيه عمل من الأعمال ، ولهذا قيل : مواقيت الحج أي وقت وعده بكلامه إياه { أربعين ليلة } هذا من جملة ما كرم الله به موسى عليه السلام وشرفه .

ولقد أجمل ذكر الأربعين في البقرة وذكره هنا على التفصيل وضرب هذه المدة موعدا لمناجاة موسى ومكالمته ، قاله مجاهد وابن عباس ، قيل وكان التكليم في يوم النحر ، والفائدة في { أربعين ليلة } مع العلم بأن الثلاثين والعشر أربعون لئلا يتوهم أن المراد أتممنا الثلاثين بعشر منها فبين أن العشر غير الثلاثي ، وفي نصب أربعين ثلاثة أوجه ( أحده ) أنه حال قاله الزمخشري أي تم بالغا هذا العدد ( الثاني ) على المفعول به ( الثالث ) على الظرف قاله ابن عطية وفيه ضعف .

{ وقال موسى لأخيه هارون } عند ذهابه إلى الجبل للمناجاة { اخلفني في قومي } أي كن خليفتي فيهم { وأصلح } أمر بني إسرائيل بحسن سياستهم والرفق بهم وتفقد أحوالهم واحملهم على عبادة الله تعالى { ولا تتبع سبيل المفسدين } أي لا تسلك سبيل العاصين ولا تكن عونا للظالمين ، قال ابن عباس : إن موسى قال لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هارون فيكم ، فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله ، فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري قد أبصر جبريل فأخذ من أثر الفرس قبضة من تراب ، ثم ذكر قصة السامري .