فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (62)

{ وإن يريدوا أن يخدعوك } بالصلح وهم مضمرون الغدر والخدع وجواب الشرط محذوف أي فصالحهم ولا تخش منهم { فإن } أي لأن { حسبك الله } أي كافيك بنصره ومعونته ما تخافه من شرورهم بالنكث والغدر ودفع خديعتهم .

{ هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين } تعليلية أي لا تخف من خدعهم ومكرهم ، فإن الله الذي قواك عليهم بالنصر فيما مضى وهو يوم بدر ، هو الذي سينصرك ويقويك عليهم عند حدوث الخدع والنكث ، والمراد بالمؤمنين المهاجرين والأنصار .

فإن قلت : إذا كان الله قد أيده بنصره فأي حاجة إلى نصر المؤمنين حتى يقول وبالمؤمنين ؟ قلت التأييد والنصر من الله عز وجل وحده لكنه يكون بأسباب باطنة غير معلومة ، وبأسباب ظاهرة معلومة ، فأما الذي يكون بالأسباب الباطنة فهو المراد بقوله : { هو الذي أيدك بنصره } لأن أسبابه باطنة بغير وسائط معلومة وأما الذي يكون بالأسباب الظاهرة فهو المراد بقوله : { وبالمؤمنين } لأن أسبابه ظاهرة بوسائط معلومة وهم المؤمنون ، والله تعالى هو مسبب الأسباب ، وهو الذي أقامهم لنصره .