فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡحَرۡبِ فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (57)

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشدة والغلظة عليهم فقال : { فإما تثقفنهم في الحرب } أي فإما تصادفنهم في ثقاف وتلقاهم في حالة تقدر عليهم فيها وتتمكن من غلبهم وتظفر بهم يقال تقفت الشيء ثقفا من باب تعب أخذته ، وثقفت الرجل في الحرب أدركته وثقفته ظفرت به ، وثقفت الحديث فهمته بسرعة والفاعل ثقيف وبه سمي حي من اليمن ، والثقاف في أصل اللغة ما يشد به القناة ونحوها يقال فلان ثقف أي سريع الوجود لما يحاوله .

{ فشرّد بهم } أي ففرق بقتلهم والتنكيل بهم والعقوبة لهم { من خلفهم } من المحاربين لك من أهل الشرك كفار مكة حتى يهابوا جانبك ويكفوا عن حربك مخافة أن ينزل بهم ما نزل بهم مع الاضطراب والازعاج ، وقال أبو عبيدة : شرد بهم سمع بهم وقال الزجاج : افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم ، يقال شردت بني فلان قلعتهم عن مواضعهم وطردتهم عنها حتى فارقوها ، ومنه شرد البعير إذا فارق صاحبه .

وقرأ ابن مسعود بالذال ، قال قطرب : التشريذ هو التنكيل ، وبالمهملة هو التفريق ، وقال المهدوي : الذال المعجمة لا وجه ولا يعرف في اللغة { لعلهم } أي الذين خلفهم { يذكرون } أي يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك ، قاله السدي .