الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (8)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أم سلمة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . ثم قرأ { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا . . . } الآية " .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول : " اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . قلت : يا رسول الله وإن القلوب لتتقلب ؟ قال : نعم . ما من خلق الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله ، فإن شاء الله أقامه ، وإن شاء أزاغه . فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا الله ، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب . قلت : يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي . قال : " بلى ، قولي اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي ، وأذهب غيظ قلبي ، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني " .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء . فقال : ليس من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن ، إذا شاء أن يقيمه أقامه ، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه ، أما تسمعين قوله تعالى { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } " ولفظ ابن أبي شيبة " إذا شاء أن يقلبه إلى هدى قلبه ، وإذا شاء أن يقلبه إلى ضلال قلبه " .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي وحسنه وابن جرير عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . قالوا : يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ قال : نعم . قال : إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها " .

وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير والطبراني عن سبرة بن فاتك قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرب ، فإذا شاء أقامه ، وإذا شاء أزاغه " .

وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي عبيدة بن الجراح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن قلب ابن آدم مثل قلب العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات " .

وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص عن أبي موسى قال : إنما سمي القلب قلبا لتقلبه . وإنما مثل القلب مثل ريشة بفلاة من الأرض .

وأخرج أحمد وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض تقيمها الريح ظهرا لبطن " .

وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في سننه عن أبي عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق ، فصلى وراء أبي بكر المغرب ، فقرأ أبو بكر في الركعتين الأوليين بأم القرآن ، وسورة من قصار المفصل . ثم قام في الركعة الثالثة ، فقرأ بأم القرآن ، وهذه الآية { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } .

وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة والحاكم وصححه عن جابر قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك . قلنا : يا رسول الله تخاف علينا وقد آمنا بك ؟ فقال : إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد ، يقول به هكذا . ولفظ الطبراني : إن قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الله عز وجل ، فإذا شاء أن يقيمه أقامه ، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه " .

وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن النواس بن سمعان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الميزان بيد الرحمن . يرفع أقواما ويضع آخرين إلى يوم القيامة ، وقلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن . إذا شاء أقامه ، وإذا شاء أزاغه ، وكان يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .

وأخرج الحاكم وصححه عن المقداد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمع غليانا " .

وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله { ربنا لا تزغ قلوبنا } أي لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأجسادنا .

وأخرج ابن سعد في طبقاته عن أبي عطاف أن أبا هريرة كان يقول : أي رب لا أزنين ، أي رب لا أسرقن ، أي رب لا أكفرن . قيل له : أو تخاف ؟ قال : آمنت بمحرف القلوب ثلاثا .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي الدرداء قال : كان عبد الله ابن رواحة إذا لقيني قال : اجلس يا عويمر فلنؤمن ساعة ، فنجلس فنذكر الله على ما يشاء . ثم قال : يا عويمر هذه مجالس الإيمان ، إن مثل الإيمان ومثلك كمثل قميصك بينا أنت قد نزعته إذ لبسته ، وبينا أنت قد لبسته إذ نزعته . يا عويمر للقلب أسرع تقلبا من القدر ، إذا استجمعت غليانا .

وأخرج الحكيم الترمذي من طريق عتبة بن عبد الله بن خالد بن معدان عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما الإيمان بمنزلة القميص ، مرة تقمصه ومرة تنزعه " .

وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أيوب الأنصاري قال : ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من النفاق ، وليأتين عليه أحايين وما في جلده موضع إبرة من إيمان .

وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال : " لا إله إلا أنت سبحانك اللهم إني أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك ، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " .

وأخرج مسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عبد الله بن عمرو " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك " .

وأخرج الطبراني في السنة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل " .