الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (8)

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } : أي ويقول الراسخون كقوله في آخر السورة :

{ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا }

أي ويقولون { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } لا تملها عن الحق والهدى ، كما ازغت قلوب اليهود والنصارى ، والذين في قلوبهم زيغ .

يُقال : زاغ يزيغ ازاغة إذا مال .

وزاغ تزيغ زيغاً وزيوغاً وزيغاناًاذا حال .

{ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } : وفقنا لدينك ، والإيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك .

{ وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } : وآتنا من لدنك رحمة وتوفيقاً وتثبيتاً للذي نحن عليه من الهدى والإيمان .

وقال الضحاك : تجاوزاً ومغفرة الصدَّق ( . . . . . ) على شرط السنة .

{ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } : تعطي . وفي الآية ردَّ على القدرية .

وروى عن أسماء بنت يزيد : " أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يُكثر في دعائه : " اللهم ( يا ) مقلَّب القلوب ثبَّت قلبي على دينك " .

قالت : فقلتُ : يا رسول اللّه وإنَّ القلوب لتقلب ؟ قال : نعم ما خلق اللّه من بني آدمَّ من بشر إلاّ وقلبه بين اصبعين من أصابع الله عزّ وجلّ فإن شاء أزاغه ، وإن شاء أقامه على الحق ، فنسأل اللّه تعالى أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، ونسألهُ أن يهبْ لنا من لدنه رحمةً إنَّهُ هو الوهاب .

قالت : قلت : يا رسول اللّه ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي ؟

قال : بلى قولي : " اللهم ربَّ محمّد النبي ، اغفر لي ذنبي ، واذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلاّت الفتن ما أحييتني " . وعن أبي موسى الأشعري قال : وإنما مثلُ القلب مثل ريشة بفلاة من الأرض .

خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنّ قلب ابن آدم مثل العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات .