الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (8)

وقوله تعالى : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا . . . } [ آل عمران :8 ] .

لمَّا ذكر اللَّه سبحانه أهلَ الزيْغِ ، وذكَرَ نقيضهم ، وظهر ما بَيْن الحالَتَيْنِ ، عقَّب ذلك ، بأنْ علَّم عباده الدعاء إلَيْه ، في أن لاَّ يكونوا من الطائفَةِ الذميمَةِ ، الَّتي ذُكِرَتْ ، وهم أهلْ الزيْغِ ، ويحتمل أنْ يكون هذا من تمامِ قول الراسِخِينَ ، و{ تُزِغْ } : معناه : تُمِلْ قلوبنا عن الهدى والحقِّ ، و{ مِن لَّدُنْكَ } معناه : من عِنْدِكَ تَفَضُّلاً ، لا عن سَبَبٍ منَّا ، ولاَ عَمَلٍ ، وفي هذا استسلامٌ وتطارُحٌ ، والمرادُ : هَبْ لنا نعيماً صادراً عن الرحمة .