فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ} (8)

وقوله : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ } الخ من تمام ما يقوله الراسخون ، أي : يقولون آمنا به كل من عند ربنا ، ويقولون : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } قال ابن كيسان : سألوا ألا يزيغوا ، فتزيغ قلوبهم نحو قوله تعالى : { فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ } [ الصف : 5 ] كأنهم لما سمعوا قوله سبحانه : { وَأَمَّا الذين فِى قُلُوبِهِم زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تشابه مِنْهُ } قالوا : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } باتباع المتشابه : { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } إلى الحق بما أذنت لنا من العمل بالآيات المحكمات ، والظرف ، وهو قوله : { بعد } منتصب بقوله : لا تزغ . قوله : { وَهَبْ لَنَا مِن لدُنكَ رَحْمَةً } أي : كائنة من عندك ، و«من » لابتداء الغاية و «لدن » بفتح اللام ، وضم الدال ، وسكون النون ، وفيه لغات أخر هذه أفصحها ، وهو ظرف مكان ، وقد يضاف إلى الزمان ، وتنكير { رحمة } للتعظيم أي : رحمة عظيمة واسعة . وقوله : { إِنَّكَ أَنتَ الوهاب } تعليل للسؤال ، أو لإعطاء المسئول .

/خ9