الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيۡهِ أُفّٖ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيٓ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِي وَهُمَا يَسۡتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (17)

أخرج البخاري عن يوسف بن ماهَك ، قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان ، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه شيئاً ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها ، فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إن هذا أنزل فيه { والذي قال لوالديه أف لكما } فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلا أن الله أنزل عذري .

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن محمد بن زياد قال : لما بايع معاوية لابنه قال مروان : سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن : سنة هرقل وقيصر . فقال مروان : هذا الذي أنزل الله فيه { والذي قال لوالديه أف لكما } الآية . فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت : كذب مروان كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان في صلبه فمروان فضفض من لعنة الله .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله قال : إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر . فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه : أهرقلية ؟ إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده ، فقال مروان : ألست الذي قال لوالديه أفّ لكما ؟ فقال عبد الرحمن : ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وسمعتها عائشة فقالت : يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا ؟ كذبت والله ما فيه نزلت ، نزلت في فلان ابن فلان .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في { الذي قال لوالديه أفّ لكما } الآية . قال : هذا ابن لأبي بكر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : نزلت هذه الآية { والذي قال لوالديه أفّ لكما } في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإِسلام ويرد عليهما ويكذبهما فيقول فأين فلان ؟ وأين فلان ؟ يعني مشايخ قريش ممن قد مات . ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية { ولكل درجات مما عملوا } .

وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه من طريق ميناء أنه سمع عائشة رضي الله عنها تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه ، وقالت : إنما نزلت في فلان ابن فلان ، سمت رجلاً .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { أتعدانني أن أخرج } قال : يعني البعث بعد الموت .