الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الروح الأمين قال : «يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض ، فإن بقيت له حسنة وسع الله له بها إلى الجنة » قال : فدخلت على يزدان فحدثت مثل هذا الحديث ، قلت : فإن ذهبت الحسنة . قال { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } الآية .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال دعا أبو بكر عمر رضي الله عنهما ، فقال له : إني موصيك بوصية أن تحفظها ، إن لله في الليل حقاً لا يقبله بالنهار وحقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، إنّه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة ، إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يثقل وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف . ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم فيقول : أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء ، وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل أنا خير من عمل هؤلاء ، وذلك بأن الله تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم ألم تر أن الله أنزل آية الشدة عند آية الرخاء وآية الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغباً لئلا يلقي بيده إلى التهلكة ولا يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحق .