الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (80)

أخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد قال : أبو لوط هو عم إبراهيم .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : أرسل لوط إلى المؤتفكات ، وكانت قوى لوط أربع مدائن : سدوم ، وأمورا ، وعامورا ، وصبوير . وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل ، وكانت أعظم مدائنهم سدوم ، وكان لوط يسكنها ، وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة وليلة ، وكان إبراهيم خليل الرحمن عم لوط بن هاران بن تارح ، وكان إبراهيم ينصح قوم لوط ، وكان الله قد أمهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإِسلام ، وانتهكوا المحارم ، وأتوا الفاحشة الكبرى ، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط فينصحهم فيأبون أن يقبلوا ، فكان بعد ذلك يجيء على حماره فينظر إلى سدوم . فيقول : يا سدوم أي يوم لك من الله سدوم ، إنما أنهاكم أن لا تتعرضوا لعقوبة الله ، حتى بلغ الكتاب أجله ، فبعث الله جبريل في نفر من الملائكة فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم وهو في زرع له يثير الأرض ، فلما بلغ الماء إلى سكته من الأرض ركز مساحته في الأرض فصلى خلفها ركعتين ، فنظرت الملائكة إلى إبراهيم فقالوا : لو كان الله يبتغي أن يتخذ خليلاً لاتخذ هذا العبد خليلاً ، ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلاً .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في ذم الملاهي والشعب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله { أَتأتون الفاحشة } قال : أدبار الرجال .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن عمرو بن دينار في قوله { ما سبقكم بها من أحد من العالمين } قال : ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال « كان اللواط في قوم لوط ، في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة » .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس . أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها ؟ قال : إنما بدء قوم لوط ذاك ، صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي . أنه قال على المنبر : سلوني فقال ابن الكواء : تؤتي النساء في أعجازهن ؟ فقال علي : سفلت سفل الله بك ، ألم تسمع إلى قوله { أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق ، وإنهم أصابهم قحط وقلة من الثمار ، فقال بعضهم لبعض : إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش .

قالوا : بأي شيء نمنعها ؟ قالوا : اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريباً سننتم فيه أن تنكحوه واغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك ، فذلك الذي حملهم على ما ارتبكوا من الأمر العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين .