فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ} (32)

{ فَذَلِكُمُ الله رَبُّكُمُ الحق } أي : فذلكم الذي يفعل هذه الأفعال هو ربكم المتصف بأنه الحق ، لا ما جعلتموهم شركاء له ، والاستفهام في قوله : { فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال } للتقريع والتوبيخ ، إن كانت ما استفهامية ، لا إن كانت نافية كما يحتمله الكلام ، والمعنى : أيّ شيء بعد الحق إلا الضلال ، فإن ثبوت ربوبية الربّ سبحانه حق بإقرارهم ، فكان غيره باطلاً ، لأن واجب الوجود يجب أن يكون واحداً في ذاته وصفاته { فأنى تُصْرَفُونَ } أي : كيف تستجيزون العدول عن الحق الظاهر ، وتقعون في الضلال إذ لا واسطة بينهما ؟ فمن تخطى أحدهما وقع في الآخر ، والاستفهام للإنكار والاستبعاد والتعجب .

/خ41